د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: ماذا يجرى على السّاحة المِصرية؟ الثلاثاء ديسمبر 20, 2011 11:14 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
حتى نكون مُنصفين في أحكامنا، فإن تصرّف هذه المَجموعة من نوابِ الشعب المنتخبين، بالإعتصام في داخل دار القضاء العالى، وبيانهم الذي أصدروه، هو خطوة إيجابية في مواجهة مَجلس الطّاغوت العسكريّ. فإن هذه المُواجهة هي ضَرورة لا مناصَ منها، كما ظَللنا ننبح به أصواتنا طوال الشُهور الماضية، أن العَسكر لن يَتركوا السُّلطة طَواعية، وأنّ الصمتَ الذي التزمته القوى السياسية، خاصة الإسلامية، هي جريمة لا تغتفر في حق من يمثلون. ولا ندرى عن ممثلي النور، إن كانوا لا يزالون يأملون الخير من العسكر، ويدينون بالولاء للحاكم، أم عملت الهرمونات الذكورية عملها بعض الشئ في أجسادهم فشجبوا "على الأقل" ما يحدث!
قلنا من قبل أنّ المجلس العسكريّ الطاغوتيّ سوف يفعل كل ما يمكن، تقنيناً وتحايلاً وإعتداءاً، ليمنع المدنيين من تسلم السلطة. قلنا من قبل أنه مهما تصورنا أنّ الهدوء والصبر على الظلم، فلن يترك هؤلاء الكفار الأمر ليتم إنتخاب مدنيين، أو رئيس جمهورية مدنيين أحرار. لكن السُّذَج من "السياسيين" إعتقدوا أنهم أذكى من هؤلاء الكُفار، ففوّتوا فُرصاً عديدة كان الشعب فيها هَادرٌ ثائرٌ، مُستعدٌ للوقوف في وجه الدنيا لتحقيق حريته. لكن هؤلاء البُلهاء ظنوا أن انسحابَهم وتراجُعَهم سوف يُفوّت الفرصة على هؤلاء الكفار. سذاجة مصحوبة بجبنٍ وهوان.
لكن ما علينا، فما حدث قد حدث. والآن، فحقيقة ما يحدث واضحة. استغل كفار العسكر تجمعات صغيرة مشروعة لأهالي الشهداء لإثارة فوضى عامة، بعد أن حاول السذج من "السياسيين" أن ينأوا بأنفسهم عنها بغرض "التهدئة" المزعومة، وساعد مبارك وعصابته الذين تحفظ عليهم الجيش للحفاظ على حياتهم، ولإتاحة الفرصة لهم لتنظيم وإدارة المعركة، بمساعة الحرباء الشمطاء، التي ما زالت كالمَكّوك بين الداخل والخَارج لمتابعة التخطيط والتمويل. وقد دسّ هؤلاء الكفار المجرمون عدداً من بلطجيتهم، منهم من هم من الجنود الذين يرتدون ملابس مدنية، ومنهم مأجورى الداخلية، ليشعلوا النار في المباني، والنفوس.
والأغراض من هذه التصرفات متعددة، منها أن يقوموا بإلغاء الإنتخابات حينما يرون ذلك مناسباً، ومنها أن يؤجل تسليم السلطة، التي نعلم أنهم لن يسلموها طواعية، ومنها إرهاب الناس وتخويفهم من أي مشاركة في أية تظاهرات.
وهذا محصل ما قلنا لهؤلاء السذج الأغرار من قبل. لن يجدى تراجعكم وتخاذلكم. سيجد هؤلاء طريقة لإيقاف الإنتخابات التي زعمتم أنها مانعتكم من هؤلاء، بأي وسيلة. مهما تراجعتم فهم قادرون على إحداث سينايوهات للمضى في مخططهم. هذا ما لم تدركوه يا أصحاب اللحى والعمائم، ويا محدثي السياسة. وإني والله لعلى يقين الآن أن الأمر ليس أمر سياسة، بل هو جبنٌ طبعيّ متأصل في نفوس هؤلاء الذين اثبتوا أنهم أقل رجولة من نسائهم في البيوت، إن هي إلا شعيراتٍ نبتت في غفلة من الهرمةنات النسوية التي تطفح بها أجسادهم.
ثم إننى أحذر الشباب من المسلمين أن يقعوا في فخِ رُموزهم، الذين يوسوسون في آذانهم: أن انظروا إلى هؤلاء الثوار، هم علمانيوا البلد، هم الذين يروّجون للفوضَى، وهم الذين لا يريدون أن تستولوا على البرلمان، فلابد إذا أن نفعل عكس ما يفعلون، لأننا ضدهم في الأهداف، فلابد أن نكون ضدهم في الوسائل. هذا مَنطقٌ أخْرقٌ سَاذجٌ لا يخرج إلا من أصحاب العمائم، من مَحدودى الرؤية، أو من المغرضين منهم.
المجلس الكفريّ سيفعل ما يفعل ضد شعب مصر، وضدكم أنتم بالذات يوم يتمكن من ذلك، ولن يترك وسيلة يحبط بها الثورة أو يغير مسارها إلا اتخذها، ولن يترك انتخاباتكم التي أوحى اليكم أولياؤكم أنها المخرج الوحيد لتكتمل، مهما صمتم ومهما سكنتم في بيوتكم. لن يقبلوا بهذا. هذا لا يكون إلا في خيال طفلٍ غرٍ لم يبلغ الحُلم بعد.
الجيشُ هو المشكلة، فكيف يكون راعياً للحلّ، نبؤني بعلمٍ يا أصحاب اللّحى والعمائم.
يا أصحاب اللّحى والعمائم، أن تكون الإنتخابات هي المِحور الذي تركّزون عليه، مع العَمى عن أية تحرّكات للعَدو العَسكريّ، وعدم الإستجابة لأي حقائق ووقائع على الأرض، لهو توجه أحاديّ ينبؤ عن طفولية في النظر ومحدودية في الفكر وتخاذلية في العمل، لا تليق بمن يدعى السُّنة ظَاهراً، ثم يخالفها عملياً.
ثم، ألا ترون أن غيابكم عن أحداث الشارع الآن تترك الفرصة لكفار العلمانية أن يتقدموا بمبادرات، محصلتها أن يتسلم السلطة علمانيّ، يدعون أنها "إنتقالية"، ويقفزون على موضوع الدستور واللجنة التأسيسية وصلاحيات رئيس الجمهورية؟ أين أنتم؟ وأين مبادراتكم يا أصحاب الأغلبية؟ هؤلاء يطالبون بريس توافقي لا إسلاميّ، ولا نعرف نحن إلا نوعين من الناس، إسلامي أو كافر، ولم نعرف كلمة التوافقيّ في ديننا من قبل. فلماذا يكون الرئيس لا دينياً رغم أن الإغلبية دينية؟
أين أصواتكم التي لا تعرف إلا الحديث عن بطاقات العضوية في المجلس؟ لماذا لا تطرحون أنتم مبادرات باسم الأغلبية، ترسم طريق الفترة القادمة، وتهدد بحشد جماهيري حقيقيّ لا إعلاميّ؟
والله إن أمركم ببساطة شديدة، هو إنعدام الخبرة السياسية، مختلط بالرّعب وتَعوُّد المهانة، ونقص الرجولة. وإنكم، بهذا الوصف، لأكبر كارثة على الشعب المسلم في مصر، الذي أسلمكم قياده دون أن يعرف أنه كالأعمى الذي أسلم قِياده لأحول. | |
|