د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: بَرلمان الضِرار .. وإخوان العسكر الأحد ديسمبر 25, 2011 5:28 am | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا شك أنّ الإتجاه الإسلاميّ كله قد أصيب بعارِ ذلك الموقف الخَسيس الخائن الذي وقفته تلك الجماعات المحسوبة عليه في أحداث الثورة. ولاشك أن تلك الجماعات المحسوبة على الإتجاه الإسلاميّ قد فقدوا مِصداقيتهم وإسلاميتهم وشرفهم وكرامتهم، وكلّ أمل في خيرٍ يأتي على أيديهم. فهم سياسيون بكل ما تحمل هذه الكلمة من خُبْثٍ وخَبَثٍ، ومن نفاقٍ ونفعيةٍ، لا يردَعَها دينٌ، ولا يثنيها شَرفٌ أو خُلق.
البرلمان الذي سَيشّكله إخوان العسكر، وسَلفيوا الوطنيّ، هو "برلمان ضرار"، يراد به الخير ظاهراً، وهو يحمل الخَبَث والعَفَن باطناً. ونحن، والعالم كلّه، يعلم أنهم ما فازوا بأغلبيةٍ إلا بخداعِ الشّعب، وارتداء لِباس الإسلام، والحديث بلسانه، نفاقاً وتَغريراً. ثم انقلب عليهم الشّعب، وعَرفوا تآمرهم مع عَسكر السوء، ورؤوا جُبنهم وتَخنّث أفعالهم في التّخلف عن أي نشاطٍ ضِد العَسكر. ولإِن كان عبيد العباسية قد قبضوا ديناراً أو دولاراً، ليهتفوا لأسيادهم، فقد قبض إخوان العَسكر، وأذنابهم من سلفيوا الحزب الوطنيّ، أجرَهم كراسيّ وسُلطة ظاهرة، ستكون عليهم حَسرة يوم القيامة إن شاء الله.
مجلس الضِرار البرلماني، الإخوانيّ السّلفي العَسكريّ، لا يفترق في توجهاته وانتماءاته عن مجلس 2005 المُباركيّ، الذي كان لإخوان العسكر فيه 88 مقعداً، وكان وقتها لا يزال السلفيون يعيشون تحت لِحاف الأمن الدافئ عملياً، متوشحين بقضية التوحيد ظاهرياً، قبل أن يلقوا وشاحهم وراء ظهورهم. الفارقُ الوحيد هو أنّ ظاهر هذا البرلمان حقٌ وباطنه باطل، بينما كان مجلس 2005 ظاهره باطلٌ وباطنه باطل. لذلك كان ذاك مجلساً كافراً، وهذا مجلساً ضِراراً.
إخوان العسكر يرفضون أن يتولى رئيساً مؤقتاً، من مجلس الشعب الذي يُسيطر حِزبه على أغلبيته، ويصرون على أن يتم عمل الدستور قبل إنتخاب أي رئيس، موقتاً أو دائماً، بحُجّة أوهى مِما يمكن أن يقبله رَضيع، وهي أنه ليس هناك قواعد لإختيار هذا الرئيس، ولو كان مؤقتاً! والواضح أن هؤلاء المتواطئين يريدون أن يستمر سيناريو الإعلان الدستورى الذي أصدره العسكر بعد أن غيّروا فيها 90% من بنودها، وما هذا إلا لأنّ هؤلاء قد التزموا بصِفقتهم الصّفيقة مع العَسكر، وسيدافع هؤلاء عن هذا الإلتزام ولو بما لا يوافق عقلاً أو منطقاً.
على كلّ حال، فإنّه يجب أن نتساءل اليوم، كيف نَمسحُ العَار الذي جاء به هؤلاء الخَونة المُنتسبين للتيار الإسلاميّ، على التيار الإسلاميّ؟ كيف يمكن أن نعيد ثقة الناس في التيار الإسلاميّ ومنتسبيه حقيقة لا نفاقاً، بعد أن أصاب هذا الإعصار النفاقيّ أركان التيار، وهَدَم جُدرانه، وترك قَواعِده مَكشوفة أمام العلمانيين وأعداء الإسلام للهجوم عليه، بما جَنت أيدى هؤلاء.
لاشك أنّ الطريق إلى ذلك يجب أن يسير في إتجاهين متوازيين، سلبيّ وأيجابيّ. أولهما، عدم التواني في فَضحِ إخوان العسكر، وكشف تآمرهم، وفضح نواياهم، وشرح المعنى المُستتر وراء تَصرفاتهم، وبيان أنها ليست تكتيكاً كما يظن بعض السذج الواهمين من أصحاب فكرة إحسان الظن، بل إنها سياسة مقصودة مرتبة متفقٌ عليها، يراد بها الوصول إلى هدف معين، ولو على حساب الإسلام وثوابته. وهذا الفَضْح والبيان، واجبٌ عينيّ على كلّ من عرف بما يجرى، وفَهِم تداعياته على الإسلام الصحيح، وتطبيقه في بلادنا.
والإتجاه الثاني هو إنشاء إتجاه موازٍ، يقدم مَعَالم الطريق الصَحيح، وبيان أسسه وأركانه، وشرح مرتكزاته وثوابته وأفكاره، وإيضاح خطواته ومساره، بما لا يدع مجالاً لشكٍ أو رَيبة لمرتابٍ، سواءاً بالقول الخَطابيّ أو الكَلمة المَقروءة أو البيان المُشاهد.
وهذان الإتجاهان، يجب أن يسيرا بكل قوة ووضوح بأسرع وقتٍ ممكن. وقد كان هذا الموقعُ حريصاً منذ بداية الثورة على أن يسير في خط الإتجاه الأول، مبيناً ومحذراً، رغم ما لاقاه من هجومٍ ممن لم يدرك الحقيقة وابعادها من الشباب المُغرّر بهم، سواء المنتمين إلى الإخوان أو السلفيين.
ولا شك أن هذا التَوجّه، وأصحابه، سيعانون من حربٍ شَعواء شَرِسة، سيقودٌ كِبرها برلمانُ الضرارِ سياسياً، حيث يعلم هؤلاء أنهم لن يحظوا بشعبية مرة أخرى بعد تواطئهم مع المجلس العسكريّ الكفريّ، كما سيقودها العسكر، وقواته الشَيطانية أمنياً، بمباركة مَجلسِ الضّرار الإخوانيّ بَاطنا، وشَجْب التصرفات الأمنية ظاهراً. وسيسمى أصحاب هذا الإتجاه بالخوارج والعملاء والمخربين، وكلّ ما ألِفْنا من ألقابٍ رميَ بها الحق من قبل.
| |
|