د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: انتبهوا .. 'إسقاط الدولة' أوهام يصنعها الإعلام الخميس يناير 12, 2012 8:05 am | |
| انتبهوا .. 'إسقاط الدولة' أوهام يصنعها الإعلام د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
تسود تلك النغمة الهزلية العجيبة التي تتحدث عن "إسقاط كذا .. وكذا"، كإسقاط الجيش وإسقاط الدولة، وإسقاط مصر، وحرق الوطن، تحذيرات عدد من المنافقين المتلونين، سواءً من العسكر أو من الذين لا همّ لهم إلا إبقاء العسكر في الحكم، من أمثال سليم العوا ومحمد حسان، ليتم لهم ما أرادوا من أعراض الدنيا، سليم العوا رئيساً، وحسّان بليونيراً فضائياً!
كلمات لا حقيقة لها ولا مضمون، فالجيوش لا تسقط، بل تتغير قياداتها، من فاسدة خاسئة كالطنطاوى وعنان وعصابتهما، إلى شرفاء أتقياء. والدول لا تسقط، إلا إحتلالاً من معتدٍ خارجيّ، وإنما تتغير منظومة حُكمها، من منظومة كفرٍ وفسادٍ وعهرٍ، كحكم المخلوع، وتابعه قفه (طنطاوى!)، إلى حكم فاضلٍ راقٍ مدنيّ مسلم.
هذه الكلمات فزاعاتٌ للعَامة، ممن لم يعرفوا في حياتهم إلا نظام المقتول والمخلوع، وقليل منهم من عاصر المهزوم. لم يعرف شباب اليوم إلا أننا هزمنا في 67، وأننا انتصرنا في 73. أما حِسّ الهزيمة ومرارتها، وفرحة النصر وحلاوته، وإن كان محدوداً مدبراً، فلم يعرفوه، ولم يذوقوه.
لم يرَ غالب من يتحرك اليوم في الشوارع ما حدث في 52، وما حدث في 67 من النكسة الصغرى، وما حدث في 79، و81، حين كانت النكسة الكبرى بتولّى المَخلوع. ومن ثم، فهؤلاء الثعابين الرقطاء تتدسّس بسُمها في عقولهم لترهبهم من التغيير الحقيقيّ، وتدفع بهم، مرة أخرى إلى نكسةٍ أكبر وأخطر من النكستين السابقتين، نكسة الإستسلام للعسكر بعد فشل الثورة، والرضا بتلك التغييرات، التي لم تصل حتى لأن توصف بالشكلية.
الأمر أن النظام العَسكريّ، يعلم ضَعف المُعارضة الرسمية من قبل الإخوان، لمنهجيّتهم البرلمانية التَخاذلية التي ترى أنّ النصر يمكن إحرازه بالكَراسي، (يعلم الله أن هذا لا يحدث إلا في أفلام فريد شوقي القديمة!)، ويَعلم ضعف أثر العلمانيين في الشارع، فهم مجرد أبواق إعلامية، ويعلم عمالة السلفيين وولائهم للحاكم ولو كافراً كما صرّحوا. فلم يبق أمامه إلا ضغط أفراد الشعب الذين لا ينتمون إلى أي إتجاه من هذه الإتجاهات التى لالزوم لها إبتداءا. إذن، العسكر يعلمون أنّ لهم الكلمة العليا في أية مواجهة قادمة. فلم يعد إلا أن يخيفوا طبقاتٍ قليلة الوعي من الشعب، فلا يعود أمامهم إلا تلك القلة الواعية المتدينة من أهل السُنة وعدد ممن نأى بنفسه عن الإخوان والسلفيين، وكان الله يحب المحسنين!
خُطة العسكر واضحة، منذ اللحظة الأولى، لا خفاء فيها ولا دَهاء. الّلعب على نقطة الضَعف الكَامنة في كلِّ فريقٍ من الفُرقاء المُتناحرين على السّاحة، وضرب أفراد الشعب بقسوة، ونشر الرعب في القلوب سواء من هذه الإدعاءات الفارغة المحتوى عن "السقوط"، أو الفزع الأمنيّ الذى تمارسه أجهزة أمن الدولة والمحاكمات العسكرية في حق كل من يفتح فاه بإعتراض حقيقيّ.
مؤسسة العسكر، هي عصابةٌ حقيقية كعصابات آل كابون في شيكاجو، وخُطّ الصعيد في مصر، إلا إنها أكثر قوة وعدة ورجالاً ومصادراً. فهي تسحبُ من رصيدٍ لا يقل عن 50% من رصيد مصر كلها! وهي لا تتورع عن القتل والسحل. وهي تستخدم قواتٍ بشرية شرسة، قد شُحِنَت عقولهم، المُتواضعة ابتداءً، بهُراءٍ وكذب، أن هؤلاء يريدونكم أن تواجهوا إسرائيل وأن تموتوا، فإما أنتم وإما هم! وهو ما قاله ذلك الضابط المُحقّر للمتظاهرين في أحداث مجلس الوزراء.
لا سقوط إلا للخونة، ولا سقوط إلا للفساد والعهر السياسيّ، ولا سقوط إلا للطنطاوى وعنان، وحاشيتهم. وهو أمر يجب أن يتبيّنه شباب مصر، وأن يتفهمه أبناؤها، حتى لا تُستغل مثل هذه المصطلحات الخاوية المعنى لتشتيت جهدهم. فالوطن لن يُحرق، بل يحرقه من يتركه على ما هو فيه من هوانٍ وذل.
الحق واحدٌ لا يتعدد. وهؤلاء الذين يدْعون إلى ترك هؤلاء الخونة، وترك نظامهم، حتى لا "تسقط" الدولة و"الجيش"، هم إمّا بلهاء لا يعقلون، أو متآمرون لا يؤتمنون.
| |
|