د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: فرصتكم وفرصة مصر .. فلا تُضيّعوها السبت يناير 14, 2012 11:20 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الخامس والعشرين من الشهر الجارى، يتعازم المُخلصون من المسلمين على الخروج إلى الميادين، للدفاع عن ثورتهم، وعن وطنهم، وعن كرامتهم، وعن حريتهم، التي أطاحَ بها مَجلس العَسكر، وأبى إلا أن يخرّب على مصر فُرصتها للنهوض والتقدم، تحت راية لا إله إلا الله.
ويَعجَب البعض أنّه فقط في مصر، تخرجُ ثورات في أيامٍ مُحددة معروفة، لكن إن دلّ هذا على شئ، فإنما يدل على إفتقاد الثورة إلى القيادة العامة التي تجمع كلّ قياداتها. ولئن كنت أرى أن الشيخ حازم أبو اسماعيل هو الجدير بهذا القيادة، إلا أنه يحارب بشراسة من شانئيه، من قيادات الإخوان، بل ومن مَشايخ السّلفيين، حَرباً لا يرفعونها على عمرو موسى ولا أحمد شفيق! حَسَداً وغِلاًّ. ومن ثم، فهم يَحرِمون الثورة من تلك القِيادة التي فشلت شَخصياتهم الفَردية أن تُحققها، فعاشت جماعاتهم على رصيد تاريخيّ، قارب على النفاذ.
ذكرنا من قبل، أنّ الوضعَ القائم، لم يعد قائماً، بل "قَعَدَ" واستقر، على ما كان عليه قبل 25 يناير السّالف. حُريات لم تُدرك، عَدالة لم تتحقق، مُساواة لم تتم، رِزقٌ لم يتسع، صِحة لم تتحسن، تَعليم لم يتقدم، خُبز لم يتوفر، وهي مكوّنات الحياة الكريمة التي يجب للمسلم أن يهنأ بها، فسبحان من منّ على البشر، وأمرهم بعبادته وحده بعدَ إذ "أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍۢ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍۭ"، فإن الإسلام يَمُنّ على الناس بالرزق والأمن، وهذا الحكم الجائر يفيض على الناس بالجوع والخوف، فهو مضاد للشريعة برفضه إعلاء كلمة لا إله إلا الله أولاً، ثم بسعيه الحسيس على هدم مقومات الإسلام جملة، والتي هي نشر العدل والإحسان التكافل "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي"، وتفصيلاً بالصد عن سبيل الله في تطبيق أحكامه التي هي الضامن الوحيد للعدل والإحسان والمساواة، والتي هي مبادئ الشريعة العليا (انظر مقالنا مقاصدُ الشَريعة .. والتَجديد السُنيّ المُعاصِر - 3، وغيرها في تحقيق مقاصد الشريعة العامة).
فلنتفق على الخروجِ في 25 يناير إذن، وليكن خُروجنا هذا لوجهِ الله تعالى، ولإبعاد شَبح الحُكم العَسكري الديكتاتوري، أولاً، ولتأكيد عَزم هذا الشعب المُسلم الموحّد، الذي رأينا أبناءه يملؤون ساحات الميادين بالملايين، راكعين ساجدين، قبل أن يُفتّتهم تنازع طالبى الفوز في صناديق الإقتراع، وتُشتتهم قرارات قياداتهم بالمشاركة ثم الإمتناع.
الأمل في 25 يناير القادم، كما ذكرنا في مقالنا السابق، ينحصر في الفئة المسلمة الخالصة، من أبناء الشعب المسلم، الذي لم بفقد إيمانه، ولم تخدعه تحايلات العسكر، ولم يستسلم لشباكهم. هؤلاء هم وقود هذه الثورة الحقيقية التي ستخرج إن شاء الله تعالى في ذلك اليوم، فلا تعود إلا بالنصر على أعداء الله ورسوله، وأعداء مصر الوطن، وتأتى لنا بالإسلام، والأمان وبالإحسان وتمنع عن الجوع وتدرأ الخوف.
إلتفوا يا أحبابنا من الشباب الواعي، حول قيادة الشيخ حازم أبو اسماعيل، ودع عنكم هؤلاء الذين صاروا من تراث مضى ووَلّى، يتشدقون به في كلّ آن، وكأن التاريخ قد توقف عنده، وكأننا عجزنا أن نسير إلى الأمام يوما، وكأن "الأم" قد سَلبت أبناءها حريتهم وصادرت كرامتهم واستهزأت بعقولهم، أليست هي "الأم"، ما لكم كيف تحكمون؟
ستظل الكلمات حبراً على ورق، لاقوة لها ولا أثر، إلا أن تترجمها أيدينا وأرجلنا، أفعالاً عظاماً كباراً، كِبَرَ إسلامنا، وديننا وقرآننا.
إننا منذ عصر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في تخوّفٍ (أي نقص)، نحيا على فُتات جسارتهم، ونعيش على موائد انتصاراتهم، نتحاكي بها وكأنها من أفعالنا! دون أن نقدم لهذا الدين شيئاً، إلا هنات وهنات، هنا وهناك، على إمتداد مساحة الزمان والمكان.
عارٌ علينا أن ننتسب لعمرو بن العاص، فاتح مصرنا، وأن ندع مصر تتهاوى أمام أعيننا، في أيدى أخِسّائها ومُبطليها، وبمباركة أدعيائها وخَاذليها ومُثبطيها، دون أن نقاوم هؤلاء فنقهرهم، وأن نعيّر أولئك فنسقطهم.
إعزِموا، فإذا عزمتم فتوكّلوا، ولا يَجرمنّكم تخاذل بعض قياداتٍ على أن تتراجعوا، فإنه أمر دينكم ومستقبل حَياتكم، وشَهادتكم بين يديّ الله بعد مَماتكم، فإنما هي قياداتٌ ومشايخ، زعموا، صنعت لأنفسها قواعد مهترئِة من الأتباع، واختفت وراء أسماءٍ ما أنزل الله بها من سلطان، فتركوا الهَدْىَ الواضح البيّن، لمتشابهاتٍ، كيفما نظرت اليها وجدتها على الجبن تُرَبّى، وإلى الظلم تَسْتكنّ، وللعبودية تَسْتلم، فتنكر أهم ما أورث الله عباده المتقين، حريتهم وكرامتهم التي جسدتها شهادتهم. تراهم يدعون إتباع الصحابة، وهم أبعد الناس عن هَديهم وجِهادهم في سبيل إعلاء لا إله إلا الله، وفي سبيل دَحر الطواغيت، وإزاحة الطغاة، الصَّادين عن سبيل الله، الرافِضين لدينه.
وهذا الخروج يجب أن يراعى فيه التأني والتريث والسلمية إلا أن يعتدى مُعتدٍ، فإن الكثير ممن هُم على النَاحية الأخرى، هم من أهلنا وإخواننا، منهم المَخدوع ومنهم المُخدر، ومصرُ مِصرنا لا نريد بها دَماراً ولا هَدماً ولا تَخريباً، بل نحن نَسعى إلى الأمان من الخَوف، فكيف نكون من دعاته؟ إلا أنّ هذا الأمان لن يتم وهذا الرزق لن يعم إلا إن أقمنا دولة لا إله إلا الله، بالتضحية واهتبال الفرصة التي هيأها رب العالمين.
إنفروا في ذلك اليوم خفافاً وثقالاً، وليقدّم كل إمرء ما يقدر عليه، فإن الله لا يُكلف نفساً إلا وسعها، والموعد الله.
| |
|