د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: الثورة قادمة .. فاعملوا لها عَملها الإثنين يناير 16, 2012 1:06 am | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أكاد أسمع دقات الأقدام متسارعة في طريقها للتحرير. أكاد أشعر تدافع الأجسام سارية كالموجِ الهَادر في طريقها لميدان الحُرية. أكاد أنصت للحَناجر تتنادى بزوال العَسكر، بقايا المخلوع، وبالتحرّر من عِصابة السّوء الحَاكمة باسمه. أكاد أسمع الأصوات تتعالى بالإسلام، حق الإسلام، يكون هادياً لمصر وأبنائها. إن هي إلا أياماً معدوداتٍ ونرى ما يفعل الصابرون المحتسبون.
لقد أبى من نَسَبوا أنفسَهم للتيّار الإسلامي إلا أن يَجبُنوا، وأن يَتَراجَعوا، وأن يَقنَعوا من الغَنيمة بالكَراسيّ، وأن يَتَجنّبوا الصِدام مع الكفر، وفضّلوا أن يُسايروه ويُعايشوه ويُخادِنوه، فمنهم من حوّر دينه ليُناسِب دينهم كالإخوان، ومنهم من فَصل دينه عن واقعه، فقرأ القرآن، لم يبلغ تراقيه، وصيّر هؤلاء العسكر الكفرة من حكام المسلمين.
لكن التّنادى اليوم، هو لأبناء منهج الإسلام الخالص الصحيح، الخالص لله سبحانه لا للكراسي، الصحيح على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا على أقوال مشايخه.
الثورة اليوم هي ثورة الشعب، بقيادة هؤلاء المُخلصين. والحذر اليوم من أن يمتطى هؤلاء رَكْبَها، تارة أخرى.
لا تتركوا المواجهة للعلمانيين والليبراليين واللادينيين. لا تجعلوا دُنيا هؤلاء أغلى عليهم من دينكم عليكم.
انزلوا الى ميدان المواجهة. لا تتردّدوا، ولا تتراجعوا، واعلموا أنّ حيّكم منتصرٌ وأن قتيلكم شهيد.
لا ترجعوا حتى يعود العسكر لثكناتهم، صاغرين، دون سلطة أو إرادة. ليس لهم أن يتدخلوا في سياسة أو برلمانٍ أو قضاءٍ أو حكومة. يجب أن يُعيدوا ما نهبوه، ويدفعوا ثمن ما اقترفوه، ويحصدوا زرع ما جَنوه. تكفى سنة كاملة حاولوا فيها قهر الشعب كله وإذلاله وقتل أبنائه وسجنهم وسحلهم وتعذيبهم، دون مَساءلة.
لا ترجعوا حتى يطلقوا سراح السجناء غدراً، ويُرفع قانون الطوارئ فيعود الغائبون عن بلادهم آمنين، ويوسد الأمر إلى أهله.
إن الحديث اليوم عن اختيار شخصية إخوانية، لرئاسة البرلمان، بعدما أكدوا إنهم لا يريدون المَنصب من داخل الحزب، هو، فيما أحسب، تحسباً من أن يحدث تغيير قهرى نتيجة انتفاضة الشعب في 25 يناير القادم، ويضطر العسكر إلى تسليم السلطة، وقتها يكون الإخوان في الإنتظار. وهم يعلمون ما سيفعلون، من إرضاء العسكر، والتَنازل عن حقوق الشهداء، وإتمام صفقة "كامب سليمان". الخطة معدة، لا تتغير إلا تكتيكياً حسب معادلات القوى على الأرض، ولكن خطوطها العريضة معروفة، تتلخّص في جملتين، الإخوان يتسلمون السلطة، العسكر يحتفظون بجزء سياديّ منها، الدستور يصاغ بصورة شركية توافقية علمانية. ثم تفاصيل متى وكيف ومن، تأتي مع تطوّر الأحداث.
الإخوان سيكسبون الجولة، مهما حدث، إذ هم أرباب ركوب الموجة وإمساك العصا من النِصف، فقد صَرّحوا بأنّهم سَينزلون الميدان، للإحتفال، ولِحماية الثّوار، فإذا مرت الأحداث دون صدامٍ، أرضوْا العسكر، ولم يُغضبوا الناس، وإن حدث الصّدام، فسيكونون مع من له الغلبة، فينسحبون إذا ثقلت كفة العسكر، ويثبتون إذا ثقلت كَفة الشعب.
لكن، ليس هؤلاء هم دافِعنا إلى إحْقاق الحَقّ، وإبطال البَاطل، فسيأتي من الشباب جيل، هو في طور النشأة اليوم، يعرف ماذا يعنى حكم الإسلام، وعزة الإسلام، وعلو الإسلام، وسيزيح هؤلاء الذين هم من الشرع على شفا جرفٍ هار، من الصورة غير مشكورين. إنما هدفنا هو ما قالته الطائفة الآمرة بالمعروف، الناهية عن المنكر "مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" الأعراف 164.
علينا واجب الدعوة إلى الحقِ الخالصِ من دَرَن السّياسة وعَطَن الإنتخابات ونَجَس المَجالس. علينا واجب الوقوف لله صَفاً أمام من قَهَرنا وأذلّنا، كما نقف لله صَفاً في صَلاتنا ونُسكنا. علينا أن نشكر لله نعمة الإسلام، بأن نأخذها بقوة، وأن نَردَع من يريدها هينة لينة مبتورة، وكأننا كتب علينا الصَّغار في بلادنا.
ثم أنشِدكم الله، وأستحلف بالله كلّ مُتوجه لهذا الميدان، أن يكون على أشد الحيطة من أمره، وأن يعلم أنّ حياته جزء من كيان الإسلام ذاته. أن الله أمرنا بأن نحتاط، وأن نتخذ كل مقياس يحافظ على النفس، إلا مقياس الإندحار وتولي الأدبار، فهو المقياس الوحيد الذي لا يرضى عنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو المقياس الوحيد الذي ارتضته الإخوان في سبيل حفظ نفسها.
وليكن منكم كرٌ وفرٌ، وابدؤا بالسلم، ولا تجنحوا لقتال، فقوتكم في أعدادكم، إلا أن يعتدى عليكم معتدٍ أثيم، فإن هؤلاء لن يستطيعوا أن يواجهوا ملايين من البشر.
والله معكم وناصركم.
| |
|