د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: هل أصبحت مصر كلها فلولاً! الأحد فبراير 05, 2012 10:24 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الأحداثِ التي تجرى اليوم على أرض مصر، مُتوقعة، غير مُستغربة.
شهورٌ طويلة من الغيظ المَكظوم، والحِنق المَكتوم. شهورٌ طويلة من الإهانات المُتكررة لضمير هذا الشعب، والعبث بثورته، والضَحك على "ذقونه". مئاتٌ من القتلى الأبرياء والجَرحى والمَسحولين، بلا ذنبٍ ولا جريرة، بينما المجرمون المذنبون يتمتعون بأقصى درجات الراحة والرّغد، في العيش والعلاج، وحق التآمر والتخريب.
ثم تأتى الطّامة الكبرى، ويُقتل أربعة وسبعون مواطناً بريئاً في حادثٍ مدبر تواطأت فيه الداخلية، ممثلة في قياداتها العميلة للنظام السابق، مع البلطجية القتلة، الذين تستأجرهم منذ سنين للتزوير والإرهاب.
ثم يراد بالشعب أن يضْبَط نفسه، وأن يكون مُتحضّراً، وأن يكون وطنياً، وأن لا يرتكب خطأً ولا يعتدى على أحد!
كيف بالله عليكم يمكن أن يحدث هذا، إلا في عالم المثاليات والأحلام، المغرضة لا الشريفة؟
نعم، المؤامرات العينية التي عانى الشعب منها كلها، هي من عمل الفلول، ومن صناعة حكومة طرة، ونزيل المستشفى الدوليّ، بتمويل من سوزان الحيزبون، وبالتعاون مع الداخلية. هذا ما لا شك فيه. لكن من صَنعَ التآمرات القانونية وعيّن ملفِقِيها؟ هل نسينا يحي الجمل وعلى السلميّ والعيسوى؟ هل تغافلنا عن أحمد الطيب، الذي صُنِع له قانوناً خاصاً، يبقيه في مَشيخة الأزهر مدى حياتِه التعيسة؟ من الذي ترك على جُمعة، طباخ الفتاوى، في موقعه يُزَيّف ويُحرّفّ؟
لكن يدَ الجناية ليست فقط من اعْتدتْ، بل يد الجناية هي من سَهّلت ومَهّدت. هي يد من قدّر ودبر، ثم أعرَض واستكبر، وقال أن هذا إلا فعلَ فلولٍ يُؤثر
- يد من دبّر أن تقبع حكومة طرة كلها معا في مكان واحدٍ، ليسهل لها العمل متناغمة متعاضدة على الأذى والجرم.
- يد من رفض وضْع المخلوع في مكانه الطبيعي من السّجن الحقيقيّ.
- يد من ترك الحيزبون تتحرك داخل البلاد وخارجها، تخطط وتمول لقتل شعب مصر.
- يد من رفض أن يزيل عميل المخلوع، النائب العام، ليكون منخلاً يغربل به القضايا، يترك منها ما يشاء ويتهم من يشاء، ويضيع حقوق الناس بلا ضميرٍ ولا دين ولا حسّ، كأنّه من الحلاليف النجسة، مادة ومعنى.
- يد من حَاكم هؤلاء الكفرة الطغاة وكأنهم سرقوا قطعة من الأرض أو اعتدوا على رجل بالسَبّ أو الضرب!
- يد من ماطل وتواطئ في تسليم السلطة وترك بقايا النظام في أماكنها، بكل وزارة وكل مؤسسة، وعين حكومة عميلة لا قيمة لها، تشرف على إلهاء الشعب بإختلاق الأزمات، لا حَلها.
- يد من تواطئ مع قوى سياسية معينة، تسمح له بالبقاء في السلطة عن طريق صِياغة البرلمان، وتسهل له الهروب بجرائمه وبما كسب من ثروات طائلة، عن طريق ما أسموه "الخروج الآمن"! مقابل أن تصل هذه القوى إلى كراسي البرلمان.
- يدٌ العسكر، الخونة العملاء، صنّاع اللهو الخفيّ، وأصحاب المصلحة الأولى فيما يحدث اليوم، المسؤولون وحدهم عن قتل هؤلاء الذين لا ذنب لهم ولا جريرة.
ثم يقال أنّ هؤلاء المتظاهرين الغاضبين الحانقين على الداخلية كلهم من الفلول المتآمرة، التي لا تبغي لمصر أماناً ولا استقراراً!
عبث من العبث، وتضليل وإفتراء. نعم، هناك من عملاء الفلول من يحرّض ويستغل الفرصة، لكن هؤلاء ليسوا هم الشعب كله. ليسوا هم من يعرضون حياتهم لخطر الموت كل لحظة، ليسوا هم يعرضون أبصارهم للضياع، مع كل شبر يتقدمون فيه إلى مبنى الطغاة المتآمرين.
الفلول هم حرق ودمّر، لكنهم ليسوا كل من أحاط بمبنى الداخلية، وأراد أن يحاصرها، ليعرف قاطنيها من يحاصر من، ومن بيده القوة الحقيقية الباطشة.
فكيف بالله عليكم، لا نرى مصاباً واحداً من الفلول، بل كلهم من الشباب المتعلمين، أو من الرجال العاملين. لم نسمع إلا عن فلولياً أو اثنين، أو أربعة فلول قبُض عليهم، لا مصابين ولا مقتولين!
من أحاط بالداخلية، هم الشعب الغاضب الحانق. هم أصحاب الحق الذي ضَاع، والحياة التي فُقِدت، والأعين التي فُقِأت، والعِرض الذي هتك، والمال الذي سُلِب، وإن اختلط بهم من الفلول من تحين فرصة للحرق أو النهب والسلب.
الشعبُ ليس غافلاً عن أن الحَرق والسّلب والتخريب، لا يَخدِم مصلحة ولا يُوصل كلِمة ولا ينصِر قضية. لكنّ ماذا ترك العسكر، صانعي اللهو الخفي ومناصروه لهذا الشعب المسكين، يجعل صبره يمتد وسكوته يطول؟
الشعب المصريّ سيخرج عن بكرة أبيه، رغم تخلف القاعدين من أتباع عملاء "كامب سليمان"، وسيفرض رأيه، وسيضع حداّ للمهزلة التي عشناها في السنة الماضية. المهزلة التي جعلتنا مضحكة للأمم، بدلاً من أن نصبح ملهماً لها.
إن كانت هذه الآلاف المؤلفة، المطالبة بحقها، هي من الفلول، فليكن شعب مصر كله إذن من الفلول!
| |
|