د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: محاولات للتهدئة من برلمانيين ومشايخ الإثنين فبراير 06, 2012 4:31 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
خبر: محاولات للتهدئة من برلمانيين ومشايخ نشرت الصحف أخباراً عن محاولاتٍ عديدة لما اسموه بالتهدئة، والتىّ يعنون بها، تلجيم الشعب الثائر مرة أخرى، لعامٍ آخر، ومئات أخر من القتلى!
لا أدرى أي منطق يتبعه هؤلاء البشر؟ أيطالب أولياء المقتول بالتهدئة، بينما القتلة يرتعون أحراراً طلقاء، والسلطة التى تعينهم على ذلك صامتة صمت الأخرس اللعين؟ كيف يهدأ الشعب ولم يصدر عن مجلس مبارك العسكريّ تصريح واحدٌ يظهر منه التراجع عن نيته في السيطرة على مقدرات مصر وسياساتها ورئيسها الجديد، والعفو عن مخلوعها وعصابته؟
لم يصدر عن مجلس الخونة العسكر ولو تصريح واحد يتنازل فيه عما سلبه من حقّ الشعب، ولو حتى إقالة النائب العام، أو اي شئ آخر، بل صمتوا وقبعوا منتظرين الحرب الدائرة بين الداخلية والشعب أن تستهلكه وتعيده إلى مساكنه، بدلا من أن يعود هو إلى ثكناته.
لا والله، إن دعوات التهدئة يجب أن تتوقف، وأن تتحول إلى دعوات مشاركة لهذه الجموع، لإنهاء سيطرة العسكر مرة واحدة. فسياسة التراجع والتخاذل لا تجدى نفعاً كما رأى الجميع خلال عام مضى. بل إن مثل هذه الدعوات ترقى إلى درجة الخيانة والدعوة إلى بيع القضية كما فعل خونة الإخوان، ومهرجوا السلفية من قبل.
ونسأل هؤلاء الداعين إلى "التهدئة": لأي غرض يهدأ الشعب؟ ماذا ينتظر من التهدئة؟ ينتظر مجلساً عسكريا ثبتت خيانته، ليستمر في تنفيذ مخططه؟ أم ينتظر برلماناً مقصوص الجناح، مقلم الأظافر، نصفه عميل للعسكريّ إبتداءً؟
كفاكم هواناً وغباءً، وكفاكم تخاذلا وانبطاحا، مثل ذلك الرجل صفوت عبد الغنى الذي يثبت في كل مرة يتحث فيها غفلة لم أرها في رجل الشارع العادي، مهما قلت ثقافته. فهو مثال التغفيل المنسوب للإسلام، والتضليل النابع من الجهل وفساد الرأي.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "..إتخذ الناس رؤوساً جهالا، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"رواه مسلم.
ما الذي يمكن أن يُقدمه البرلمانيون؟
كانت الجلسة المُشينة التى عقدها المجلس البرلماني، أكبر عار على أحزابه الممثلة في أغلبية من الإخوان والسلفيين. فقد ظهر من الدقيقة الأولى عمالة رئيسه سعد الكتاتنى، الذي يتعامل مع النواب وكأنهم تلاميذ في مدرسة، ينادونه بسيادة الريس ويناديهم باسمهم الأول، كأنه ولي أمرهم! هي هي الديكتاتورية المزروعة في دم هؤلاء المترئِّسين. ثم إذا به يتجاهل الطلبات التي تقدم بها أعضاء من النواب بغرض نقل السلطة، وأعنى بها السيناريو المدبّر مسبقاً مع عريانهم على أن يُضَحّوا بوزير الداخلية، لصرف النظر عن المجرم الحقيقي، مجلس العسكر.
من ناحية، العمالة تزكم الأنوف، فحزب الحرية والعدالة الإخوانيّ، تدفع اليوم ثمن صفقتها، وتدمر ثقة الناس بها، وتدفع بولاءها وولاء أتباعها لمن لا يستحق الولاء، العسكر والنظام الكافر الحالي. وهذه العمالة هي السمة الغالبة على تصورات وقرارات رئاسة البرلمان، ومطالب أعضاء ذلك الحزب. هذا الموقف، يأخذ بالإتجاه الإسلاميّ كله إلى الحضيض، وإلى فقد الثقة حتى في دين الله، الذي يربط البسطاء من الناس بينه وبين موقف هؤلاء المتآمرين.
ومن ناحية أخرى، فإن هذا البرلمان، كما اعترف عدد من نوابه بالفعل، بل وظهر من ضعف أدائه، أنه لا قيمة له على الإطلاق، إذ لا صلاحية له على أية سلطة تنفيذية على الأرض، لا في سحب سلطة ولا في محاكمة مسؤول ولا حتى في محاسبته. وقد كان نتيجة ذلك أن انشغلت أجهزة البرلمان في إيجاد مخرجٍ قانوني لمحاسبة وزير الداخلية! بينما الناس يقتلون في الشوارع. هذا ما حذرنا منه من قبل. عَنجَهية الإخوان وإعتقادهم أنهم يحْكمون الشارع، وأنهم أغلبية تستطيع توجيه الشارع. وهذا التصور عمى عن حقيقة طبيعة الغالبية التي حصل عليها ذلك الحزب. فهي، كما ذكرنا، غالبية مشروطة، إن ساير الإخوان الشعب، فبها ونعمت، وإن خانوها، فلا كرامة لهم ولا ثقة بهم. فشل الإخوان في إدراك الفرق بين أعضاء جماعتهم الملتزمون بعمى التقليد، وبين أبناء الشارع الذي أعطاهم فرصة أن يعملوا بمقتضى دعواهم أنهم أصحاب دين، لا دنيا. من هنا فإنّ هذا البرلمان قد فشل في كسب ثقة الشعب الذي انتخبه، وسيؤدى هذا إلى إسقاط هذا البرلمان بلا شك، بعد أن تصل الثورة إلى غرضها.
لقد قَدّمت قيادات الإخوان، الثقة بالعَسكر، على الثقة بالله والثقة بالشعب. آثروا أن يعقدوا الصَفقة مع الخائنين، على أساس أنّهم من بيده الأمر كله، وهو ما ثبت خطؤه وعواره وخساسته. ثم لا يزالوا يحافظون إلى اليوم على صفقتهم، دون أن يفتح الله عليهم بالفهم وتقدير الأمور على حقيقتها.
البرلمان، في الوقت الحَاليّ، غيرُ قادرٍ على أن يُقدّم أيّ حلّ، أو أنْ يُشارِك على أي مُستوى فيما يَجرى على الأرض. والسّبب أنه قد وُلد سِفاحاً خِداجاً، فشَرعية الصّفقة مع العَسكر تجعل مولده سفاحاً، وسلبه صلاحياته تجعله خِداجاً. وكيانٌ بهذه المواصفات، لا بقاء له ولا غرض. هذا خلاف الطريقة الإخوانية التي تَعتمد التَآمُر والخيانة والصَفقات كوسيلة للوصول إلى الحكم، مما يَسلبها أي علاقة بالإسلام ومنهجه.
لقد وجهنا منذ اليوم الأول إلى ضرورة التريّث في موضوع الإشتراك في الإنتخابات البرلمانية، أو إنشاء أحزابٍ في ظل النظام الضبابيّ، ووافقنا على الإشتراك في الإستفتاء من حيث إنه لا علاقة له بتشريع، بل هو إبداء تَوجّه بنعمٍ أو لا. وبررنا ذلك وقتها بحدوث فجوة في النظام التشريعيّ القائم وقتها، تسمح بهذا القدر من أبداء الرأي، إذ ليس هذا من قبيل المشاركة إلا عند من تنطع في القول، وناظرنا في هذا القدر أبو مريم الجريتلي وأبو منذر الشنقيطى. ولم نتخذ أبداً موقفاً يساند برلماناً أو يوافق على إنشاء حزبٍ حتى تتضح الصورة. لكن العَسكر سرعان ما عاد اليهم توازنهم، وفتتوا النصر الشعبيّ، إلى خطوات يُهلك بها الثورة، التي أسميناها إنتفاضة، حسب ما ترتب عليها من نتائج على الأرض. وكشفنا في وقتٍ مبكرٍ صفقة "كامب سليمان". وهاجمنا بكل قوةٍ عمالة مشايخ السلفية، المتلونين والخائنين منهم، والمبتدعة الجاهلين منهم، الذين خرجوا اليوم ليستكملوا شواهد جهلهم بقول أن "القاتل والمقتول في النار"، ولم يعلم هؤلاء المغفلون أنّ أبناء مصر كانوا في مبارة كرة لا ساحة قتال، لكن ما تفعل في أهل البدعة وفي شياطينها!
البرلمان، لن يقدم حلا، لسببين رئيسين، أولهما أن الأغلبية الإخوانية فيه متواطئة مع العسكر، ونواب السلفية فيه متواطئة مع مشايخها، الموالين عقدياً للعسكر، الثاني أنه بمؤسسة بلا صلاحياتٍ أصلاً. وهما جناحا السقوط، الخيانة والضعف.
يجب أن يسقط هذا البرلمان. يجب أن يقوم أبناء الشعب، ومنهم المخلصون من منتسبى الجماعات، من زالت عن عينيه غمامة التقليد الأعمى لمشايخ السوء والبدعة كأعضاء تلك الجمعية الكرتوينة التي تضم عبد المقصود والحويني وحسان وبقية الشلة الفضائية، أو مشير الإخوان محمد بديع، وعصابته الممالئة للعسكر، فيقوموا بالتجمع الشعبيّ وإستمرار التظاهر لحين إسقاط مجلس العسكر، البديل لمبارك، والحامي له ولنظامه، و من ثم انتخاب برلمان جديد، لا يكون لمكتب الإرشاد الإخوانيّ محل فيه.
| |
|