د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: أين حقائق مَذبحة بورسعيد .. يا إخوان؟ الثلاثاء فبراير 28, 2012 12:26 am | |
| أين حقائق مَذبحة بورسعيد .. يا إخوان؟
د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا الذي قلناه من قبل، أنّ هؤلاء الإخوان، عُبّاد البَرلمان، ليسوا إلا صَنائع للعَسكريّ، يأمُرهم فيطيعوا، ويتَحدّث اليهم فيُنصِتوا، بلا مُقاطَعة، ولا تهامُسٍ. صنائع لا تملك من أمر نفسها شيئاً، فكيف تملك من أمرِ الشّعبِ شيئا؟
تكوّنت لجنة تقصى الحقائق، وتبارزَ المُتحدّثون في التّنديد بما حَدث، وظهرت عنتريات كثيرة، تدين وزير الداخلية والشرطة، بل وتجرأ البعض على مساءلة رئيس الوزراء، بل وطلب أحدهم مُساءلة الطنطاوى!
ثم جاء تقرير اللجنة، المؤقت، الذي أدان الداخلية والشعب معا. ثم إذا بالموضوع يوضَع على الرفّ. لا أحد يعلم ماذا يجرى الآن؟ من الذي سَيحاسب؟ متى سَيحاسب؟ وتلحق مَجزرة بورسعيد بأحداث التحرير ومجلس الوزراء ومحمد محمود وماسبيرو، وبأحداث موقعة الجمل وقتلى الثورة ومصابيها. تدخل هذه التحرّيات المشبوهة المنكوبة إلى غيابات جُبِّ الكتاتني، يحفظها ويرعاها، أن تظهر، فعله كفعل سلفه فتحى سرور، وكفعل أخيه عبد المجيد محمود.
لكنّ المُضْحِك المُبكى، أن هذه التحرّيات، لا قيمة لها إبتداءً. إذ ليس في يدِ هذا المجلس إلا الكلام، والتنديد. يملك سلطة السؤال، لكنه لا يملك القدرة على أن يعمل بموجب نتائج المُساءلة. لا يملك سَحب الثقة في الحكومة، ولا إقالة وزير، ولا حتى إقرار قانونٍ مهما صَغر شأنه. بل هو يرفع ما يرى لأسياده من العسكر، فهم رئيس الجمهورية، وهُم السّلطة التنفيذية، وبيدهم مفاتح السلطة القضائية، كما يظهر من محاكمات رموز النظام، حَسب ما قنّنوه بأنفُسهم في إعلانهم الدستورى، بل وبيدهم السلطة التشريعية، كما ظهر من إصدارهم قانون إنتخاب رئيس الجمهورية وقانون المجلس اقومي للمرأة، بلا رجوع إلى طراطير البرلمان.
إذن، جَمَع مجلس العَسكر السّلطات الثلاث في يده، وبمعرفة وتواطئ من نوائب الإخوان البرلمان. وهو ينتظر أن يَترك السلطة الرئاسية لمن يكن طوع يديه، فيستمر في السُّلطة الحقيقية، بل سيُصبح أقوى مما كان أيام مبارك، إذ أيام مبارك كان المخلوع هو صاحب السلطة، وكان العَسكر من خلفه يعطيهم من عطاياه ويمنحهم من فضله. أما في السيناريو الذي يتواطئ عليه العسكر مع الإخوان اليوم، سيصبح الرئيس الجديد صورة، ومن ورائه العسكر يمنحون ويمنعون بملئ إرادتهم. ليس هذا فقط، بل ويدبّرون، مع الإخوان البرلمانيين، أن يكون هذا الوضع البئيس دستوراً يتقيد به الشعب، ويُعتبر الخارج عليه، خارجٌ عن الشرعية! فيعتقل ويشرد ويسحل ويضرب، مرة أخرى، والأمن الوَطني جاهزٌ حاضر!
هذا ما يريده نوائب الإخوان في البرلمان بمصر، وبمستقبلها. هل يعقل أحدٌ أن تعلن جماعة تدّعى الإسلامية، وتضع في إسمها كلمة "المسلمون"، رسمياً في كافة تصريحات قوادها، أنها "لن تدعم مرشحاً ذو إتجاه إسلاميّ"؟ يا عباد الله، قولوا لنا ماذا يعنى هذا؟ يا عقلاء الأمة، برّروا لنا هذا؟ والله ما هذا إلا خروج عن مقررات الولاء، ونبذاً للعقيدة، وافتئاتاً على دين الله، بل يستتاب قائلوا هذا، فإن تابوا وإلا فحكم المرتدين معلوم لأهل هذا الدين.
هذا التواطئ الكُفريّ، هو ما أدى بذهابِ دماء هؤلاء المَساكين الذين فقدوا حياتهم هدراً، هباءً. لا لجنة ولا تحقيق ولا محاسبة ولا يحزنون. بل تواطؤ في تواطئ في تواطئ.
ولا ننسى خَراب مُدّعى السّلفية المَناكيد، مثل اللواء محمد حسان الدعىّ، صاحب الملايين، وعميل الأمن، وناصر العسكر، وموالى أمصار مبارك. والله لقد فقد هؤلاء حياءهم وكرامتهم، وظنوا أنّ اتباعهم من بلهاء القوم، سيغنون عنهم من الله شيئاً.
ترك كلّ هؤلاء دم الأبرياء يضيع هدراً، وهم من انتخبهم الشعب، لا ليمسكوا بميكرفونات، ويحصلوا على امتيازات، وتصل إليهم رواتب ومعاشات، بل ليكونوا وكلاء هذا الدم وأوليائه نيابة عنهم. فإذا بالكتاتني، يدفن الملفات، ويرقد على المساءلات، ألا ساء ما يفعل.
ثم إذا بالعلمانيين كالكتلة، وأنصاف العلمانيين، كحزب الوسط، يتصدّرون مشهد الصَدارة في الجُرأة والجَسارة، يطلبون محاسبة العسكر، ويفضحون مواقف الإخوان في البرلمان. لا والله لن يفعل الكتاتني أي عمل يهدّد كرسيه الذي استقر عليه، على دماء أبناء مصر.
مذبحة بورسعيد، وضحاياها، هي مرة أخرى، دليل على ذلك الوضع الذي يَجرّنا اليه العَسكر بعمالة الإخوان، وبلاهة عدد من السَّلفيين، الذين أصبح مطمح السياسة عندهم أن يحضر مُتحدثهم بكّار، حفل زفاف حَمزاوى.
لقد دارت الأيام لتعود كما كانت في فبراير 2011، وعادت الديكتاتورية قويّة غالبة، ونجح العسكر في القضاء علي ثورة مصر، والبقاء في السلطة، والحفاظ على النظام بكل كوادره الأمنية والتنفيذية والقَضائية. وزَرع في البَرلمان مَجموعة من الضعاف المثبطين، على رأسهم الكتاتنيّ، من الذين أحسن الشَعبُ ظنَّه بهم، لجَهله بتاريخهم. وماذا ننتظر من أتباع اللواء حسّان، الذي أقر بلسانه أنه عميل للأمن منذ أيام الجامعة (انظر الفيديو على موقعنا)؟ وماذا ننتظر من جماعة تبَنّت الصوفية والإرجاء، وأعلنت مِراراً مهادنتها للكفر وتعاونها وتوافقها معه، رغم قهره وتعذيبه؟
لن يَأخذ حق القتلى إلا الشعب، بيده ويد ثواره. حان وقت الثورة الحقيقية. ضد النوائب المتأسلمين، وضدّ مُدّعى الدين ومُنافقي الأمة، وضدّ العَسكر الذي صَنعهم على عينه. فوالله ما حصلنا على حق ولا تغير وضع، إلا عند من فقد عقله وتمييزه، أو عند توابع العسكر
| |
|