بقلم: د. طارق عبد الحليمالجمعة 11 مايو 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
الكفرُ ملةٌ واحدة، ومن ثم، فإن وَسائله واحدة، لا تتعدّد ولا تتبدّل إلا بقدر ما عليه العَصر من إمكانات. وإنّ قروناً متطاولة بيننا وبين فرعون مصر، لم تؤثر في هذه الطرق، التي بيّنها لنا القرآن الكريم في مُحكم آياته، وهى التَخييل والإرهاب. الإعلام والآلة العسكرية. التزييف والتعذيب. كلها نفس وسائل الكفر، التي يستخدمها أهله لتوطيد دعائم نظمهم وإحكام قبضتهم على الناس، وتشويه سمعة المؤمنين، وتحسين صورة الكافرين.
والله إن من يتلو آيات الله التي حَكاها عن فرعون مصر، ليجد أنّ ما تمر به بلادنا اليوم، هو صورة طبق الأصل لما مرّت به منذ أكثر من ثلاثين قرناً، على عهد موسى عليه السلام.
سَحَرُوٓا۟ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ، ألقوا عصاهم، فإذا هي مستنداتٌ مزوّرة وأوراقٌ باطلة، هيأوا للناس أنها صحيحة أصلية، لا غبار عليها، يعلم الله أنها من صنع بني إسرائيل الصهاينة ومكاتبهم التي استعان بها سحرة العَسكريّ. ثم إذا بالإعلامِ الفاجرِ الداعرِ، يأخذ ما صنعوا، فيحيله إلى قضية حقيقية يدين بها الرجل الصّادق، فيحيله في أعين الناس، حتى بعض المقربين منه، كاذباً مُضلِلاً!
سَحَرُوٓا۟ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ، بأن عتّم سحرة إعلامهم على الإجرام الصّرف الذي تمّ في الأسابيع الأخيرة، وآخره ذلك القتل والسحل الذي تمّ في العباسية، والذي رأيناه بعينيّ رأسنا، لا نقلاً عن أحد، حتى أنه لم تأت صحيفة واحدة، أو برنامج وحيد بأي خبر أو صورة عما حدث! فهيأوا لقطعان الشعب المستسلم لسحرتهم أنّ الأبرياء هم الظالمون، وأن الظالمين هم الصالحون! سحرٌ وخداعٌ وتزييف لا يأتي به إلا أمثال خالد صلاح، ومجدى الجلاد، ويسرى فودة، ومنى الشاذليّ، لعنةُ الله عليهم أجمعين.
سَحَرُوٓا۟ أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ، فأوحوا اليهم أنّ الإسلاميين تكفيريون، وإرهابيون، لا يريدون الإستقرار للبلاد، ولا الخير للعباد. وبدأت حملة التشويه تنال الفكرة الإسلامية ذاتها، وتضرب عمق التوحيد، وتستعدى الناس على من لا يرضى بالوسائل الديموقراطية الشركية، والمسارت القضائية، التي شقوها بأنفسهم وجعلوا فيها قضباناً تسير عليها العملية السياسية لتصل إلى أهدافٍ حدّدوها من قبل. وقد أدت بنا هذه المسالك الكفرية إلى أن عاد أحمد شفيق وعمرو موسى، رجال مبارك، على رأس مرشحى الرئاسة الخائبة. دار الزمان، وعاد كهيئته الأولى، يوم "تخلى" مبارك عن السلطة، برضاه، وبإتفاق مع العسكر، وعين أحمد شفيق ليدير عملية تهريب الأموال إلى الخارج، وليترك الطنطاوى وعنان في أماكنهم يقودون الثورة المضادة.
وٱسْتَرْهَبُوهُمْ، عادوا إلى الحيلة القديمة، التي هي دائماً حيلة الجبار الكافر بدين الله، الإرهاب. القتل. السحل. الإعتقال. انظر ما فعلوا في محمد محمود، ورئاسة الوزراء، وبورسعيد، ثم العباسية. لم يقنعوا بقتل الشباب وسحلهم، بل تعدوا على الفتيات، بلا كرامة ولا ضمير، كأنهم حيوانات شرسة، لا دينٌ ولا خلق ولا إنسانية. والأدهى أنهم قد حوّلوا هذه القوات إلى أعداء للشعب المدنيّ، بعد أن أوهموهم أنّ هؤلاء المدنيين يريدون قتلهم، وأنهم يسعون إلى مواجهة مع اليهود سيكونوا هم أول ضحاياها. فصار الجيش عدواً للشعب، ونصيراً لليهود!
لقد عادت أدوات الإرهاب كما كانت، وأفظع مما كانت، على استحياءٍ أولاً، ثم ببجاحة وتلاحة مؤخراً، من حيث حَشَدَ هؤلاء الملاحدة قوات الداخلية، والشرطة العسكرية، وأمن الدولة، والجيش النظاميّ، والبلطجية المَأجورين للجيش، كتلة واحدة، ضد أي تحرّك ثوريّ، إسلاميّ أو علمانيّ، لسحقه، والقضاء على رؤوسه. وقد رأينا كيف صدرت أوامر الضبط والإحضار في حق عدد من الشخصيات العامة، كالشيخ حسن أبو الأشبال، دون تنفيذها، لإلقاء الرعب في قلوب هؤلاء، وفي قلوب من عداهم، من باب "انج سعد فقد هلك سعيد".
جنود فرعون وهامان (طنطاوى وعنان)، هم الأداة التي يسترهبون بها الناس، وهم من يحمل وزر هذا الوضع القائم، مثلهم مثل قوادهم، بلا فرق، لإذ لا يصح أن يطيع مرؤوس رئيسه في قتل نفس أو تعذيبها أو سحلها، وقد قال تعالى "إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَـٰمَـٰنَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا۟ خَـٰطِـِٔينَ"القصص8. نعم، إن جنود طنطاوى وعنان خاطئون، ليسوا مغشوشون أو مخدوعون، بل حكمهم حكم أسيادهم، طالما هم يؤيدون ويبطشون ويقتلون، وقد سَمعنا شهادة الطّبيبة (دكتورة آية)، عن أفعال هؤلاء المُجرمين القتلة، وما بعد حديثها حديث . أفعال لا يقوم بها إلا الصليبيون والصهاينة، كما رأينا في أفغانستان والعراق وفلسطين. فاللهم عليك بفرعون وهامان وجنودهما أجمعين، فإنهم لا يُعجِزونك.
#!https://www.youtube.com/watch?v=_OZ2gnkRo54&feature=player_embedded
أسدٌ عَليّ وفي الحُروبِ نَعامةٌ رَبداءَ تجْفلُ من صَفير الصّافرِ
هذه الأحداث لها ما بعدها، فليست هي الكلمات الأخيرة في كتاب الثورة، وإن خمدت جذوتها، وإن فعل سحرتها ما فعلوا، فقد علِمنا من قصة فرعون وهامان، وسحرتهما وجنودهما، أنّ الكلمة الأخيرة هي لسنن الله تعالى، التى لا محلّ فيها لهؤلاء الطواغيت إلا بقدر ضعف المؤمنين وعدم استحقاقهم للنصر. إن المسألة مسألة استحقاق وتأهيل، فإن لم نفعل ما نستحق به النصر، وما يؤهلنا له، فإن مسلسل السّحر والقهر والإرهاب سيظل مُسيطراً علينا، إما أن نُسدّد فاتورة الإستحقاق والتمكين، أو نواجه سنة الإندثار والإستبدال.