بقلم: د. طارق عبد الحليمالثلاثاء 15 مايو 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
عجيب أمر الدعاة! لا نكاد نفرح بأحدهم لقوته وانتصاره للحق، حتى "يتكعبل" مرة أخرى، ويخرج منه ما ينقض كلّ ما قال من قبل.
حبيبنا الشيخ وجدى غنيم، الرجل الثائر القوى، لم أرَ له هَنّةٌ إلا التزامه بجماعة الإخوان .. التي ثبت خذلانها وعمالتها للعسكر، وهو ما أثبتناه في مئات المقالات في الخمسة عشر شهراً الأخيرة، التي انتكست فيها الثورة بفضل مواقفهم المخزية.
وقد خرج علينا الشيخ وجدى غنيم منذ أيام، بدعمه لمحمد مرسى، مُرشح الإخوان، بعد أن كان من أقوى داعمى الشيخ حازم أبو اسماعيل، وهو ما أورثنا حيرة وتردداً في فهم هذا الموقف. ثم إذا به يردّ على أحمد فريد في إجتهاده في إختيار عبد المنعم أبو الفتوح بشريط عنوانه "لا يا شيخ أحمد فريد".
ونحن نردّد هنا قول الشيخ وجدى في أول شريطه "يا مثبت العقل والدين" ..! ما هذا الذي تقوله يا شيخ وجدى عن محمد مرسى؟ والله ما من إتهام وجهته إلى أحمد فريد، إلا مردود عليك بمثله، لا أن أحمد فريد محقٌ في إختياره لأبي الفتوح، فكلاكما خارج عن الحيدة في هذا الأمر كله.
يقول الشيخ وجدى إنه يختار حسب المنهج! أيّ منهج لمحمد مرسى، وللإخوان يا شيخ وجدى؟ على كلّ حال، دعنا نرى ما جاء في تسجيل الشيخ وجدى، مما يحير العقول في جماجمها، ويدير حدق الأبصار في مآقيها.
أول ما نذكر هو مدح الشيخ وجدى لمحمد عبد المقصود! سبحان الله العظيم، أنسيت يا شيخ وجدى موقف هذا الرجل من الشيخ حازم، ومن المشروع الإسلاميّ الحقيقيّ الوحيد الذي طُرِح على الساحة منذ ثورة 25 يناير؟ ليس أننى أدعم ترشيح حازم، لأننى صادق مع نفسى، ولا أدعم أيّ من هذه العمليات الديموقراطية الكفرية كما تسميها أنت نفسك، ولكن لأنّ عبد المقصود كان من أظلم الظالمين في إفتراءاته على الرجل، وفي حسده له، قول واحد، وهو ما نعيته أنت نفسك عليه؟ أنسيت ما قاله من أن أنصار الشيخ حازم يعيشون في هوس! (انظر التسجيل أسفله)؟ ولو أنّ موقف عبد المقصود من الشيخ حازم كان في مجال آخر غير المشروع الإسلاميّ لكان هناك مخرج لهذا الرأي، ولكن ما اختلفت فيه مع عبد المقصود هو في ذات الموضوع الذي نصرت فيه قوله عن محمد مرسى؟!
ثم، أين المشروع الإسلاميّ الذي يعلن عنه محمد مرسى؟ أيكفى أنه قال عن نفسه أنه مرشحٌ إسلامي، وأن أبو الفتوح قال عن نفسه غير ذلك؟ ألا والله لا فرق بين محمد مرسى وأبو الفتوح إلا أنّ أبو الفتوح كان أشجع من مرسى حين خرج على الإخوان، لمّا قالوا، كذباً أو سذاجة ايهما أحببت، إنهم لن يرشحوا إسلاميّ لهذا المنصب، بل سيكون ترشيحهم لتوافقيّ (أيّ إسلامي علماني!!) (إقرأ الخبر اسفله في الشروق والقدس)، كما قال بديعهم، بكل وضوح وبجاحة، مرات عديدة. أيكون مرسى هو المرشح التوافقيّ إذن؟ أهذا إختيارك يا شيخ وجدى؟
أسمعت يا شيخ وجدى ما قال محمد مرسى لمذيعة التليفزيون، معتذراً لها ومتودداً لعلمانيتها، أنّ ما تدعو اليه الإخوان هو مبادئ الشريعة، ليس أحكامها، وأن هذه المبادئ تعدّ على أصابع اليد (اسمع التسجيل اسفله)؟ أسمعته وهو يقول أنّ الرجم ليس من أحكام الشريعة (إسمع التسجيل اسفله)؟ أسمعته وهو يقول أن النصارى والمسلمين إلههم واحد (إسمع التسجيل اسفله)؟ وأنه لا يمانع في رئيس دولة نصرانيّ (إسمع التسجيل اسفله)؟ ألم يقل صبحى صالح، رجل الإخوان، أنهم لا يسعون لتطبيق الشريعة، بل لمبادئها فقط (إسمع التسجيل اسفله)، وهو ما كرره العريان كذلك عدة مرات؟
ثم ماذا عن زيارة الإخوان لعمار الشريعى (الموسيقار) في عيد ميلاده وإهدائهم له عوداً (إقرأ الخبر اسفله في الشروق والقدس)؟ ما الفرق بينهم وبين أبو الفتوح إذن يا شيخ وجدى؟ ووالله لو ذهبت أنقل عوار ما قال محمد مرسى، وتلونه، وما قالته الإخوان عن "مشروعها الإسلاميّ" لملأت موسوعة بأكملها، لكن في هذا الذي ذكرت دليل على ما أردت، فهل هذا إختيارك يا شيخ وجدى؟ علام بَنيت إجتهادك إذا يا شيخنا؟
ونحن لا ندعم أبو الفتوح، فهو ليبراليّ عتيد، ولا ندعم مرسى، فهو إخوانيّ متلون، لكننا ندعم إسلامنا الحقّ، الذي لا نراه على الساحة اليوم، إلا ما كان من الشيخ حازم، أعانه الله. وقد أراد الشيخ حازم أن يلعب في ملعب الديموقراطية العفن بنظافة فسحقوه.
ثم، يا شيخ وجدى، ألست القائل، بحقٍ، إنّ الديموقراطية كفر وإنها ليست من الإسلام في شئ؟ ما الذي يلجؤك إذن إلى الدخول في أوحالها وممارسة شعائرها؟ أتعتقد أنّ هذه الوسائل ستصلح بها مصر؟ "إن الله لا يُصلح عمل المفسدين" يا شيخ وجدى. ولعلك تشرفنا بقراءة ما دَوّنا بهذا الشأن في مقالاتٍ عديدة، تأصيلاً لهذه المسألة، ولعلنا نسمع أو نقرأ رداً أصولياً عليها، لا كردّ محمد عبد المقصود الذي، يشهد الله ليس فيه من الأصول شئ.
دعنى أهديك مؤشراً أكيداً، وبوصلة لا تنحرف، في هذا المجال يا شيخ وجدى، إن أردت أن تعرف مدى صدق أحدهم في دعواه الإسلامية، فانظر مدى عداء العسكر والإعلام له. لقد جاءت أخبار عن أقارب لمحمد مرسى يتمتعون بجنسية أجنبية، لكنها سرعان ما ماتت، ولو أنهم يريدون إخراجه من هذا السباق غير المشرف، لفعلوا فعلتهم أو غيرها كما حدث مع حازم أبو اسماعيل.ثم، إن الله يشهد إننا نحبك في الله يا شيخ وجدى، لكن، الحقّ أحب الينا من كلّ أحد.