*عيد البوريم: الذي يحتفل به اليهود كل عام بمناسبة قتلهم 75000 نفس بريئة من الفرس بأمر إمبراطور الفرس (قورش) إرضاء لرغبة زوجته اليهودية (أستير)، لمجرد أنهم قرّروا القيام بمسيرة سلمية على رأسها (هامان) وزير (قورش) ليقدموا له عريضة احتجاج ضد ممارسات اليهود واستغلالهم لثروات الفرس وتخريبهم لمجتمعهم، فعملت هي وعمها الحاخام (مردخاي) على الحصول من (قورش) على أمر يسمح لليهود بالدفاع عن أنفسهم ضد محاولات الفرس للقضاء عليهم، وقد مارسوا أبشع أساليب القتل والوحشية خلال يومين ضد الفرس المسالمين والمستضعفين لهم (راجع سفر ستير).
وجرائمهم ومذابحهم ضد الأمم الأخرى عبر التاريخ كثيرة، ومن أشهر تلك المذابح ضد السكان المحليين المسالمين ذلك التمرد الذي قام به اليهود عام 135م على الإمبراطورية الرومانية في خمس ولايات رومانية، وارتكبوا فيها أبشع أساليب القتل والخيانة ضد السكان غير الرومانيين الذين كانوا يعيشون بسلام، وسطهم حيث كانوا (يأكلون من لحوم من قتلوهم ويشربون من دمهم ويحترمون بأمعائهم ويلتفون بجلودهم وقد شطروا الكثيرين من رأسهم إلى أسفلهم وأرغموا كثيرين أن يصارع بعضهم بعضا ويتجادلون بالسيوف إلى أن يهلك بعضهم بعضاً).
ويمكن حصر الكثير من هذه الجرائم الوحشية في التاريخ . والحاضر أكبر شاهد على ذلك بدءاً من مذبحة (دير ياسين) عام 1948م، مرورا بقتلهم الأسرى المصريين والسوريين الذين يحرّم القانون الدولي قتلهم عام 1967م، إلى ما فعلوه ويفعلوه في الأراضي المحتلة، وإلى ما اقترفته أيديهم من مذابح في لبنان وأشهرها مذبحة (صبرا وشاتيلا) ومذبحة (قانا)، إلى ثورة الأقصى/ انتفاضة الأقصى الحالية، وقبلها ثورة المساجد/ الانتفاضة الأولى ومسلسل المجازر لم ينتهِ بعد مادام يوجد يهود وسطنا.
أما عمليات التدمير والتخريب والاختراق على جميع الأصعدة والمستويات للمجتمعات الغربية فقد بدأت من قبل بعثة سيدنا عيسى عليه السلام، فالإمبراطور الروماني (فشيشرون) مثل أباطرة كثيرين أبدى قلقه من اليهود وعدم ارتياحه لممارساتهم المختلفة في إمبراطوريته [8].
أما سيدنا عيسى عليه السلام فقد قال لبطرس أحد الحواريين الذي حاول تهويد دعوته : (اذهب عني يا شيطان فأنت معثرة لأنك لا تهتم بما لله ولكن بما للناس) إنجيل متى 6/23 [9]. أما (بولس) الحاخام اليهودي الذي تنصر ونقل رسالة المسيح عليه السلام، فحدث ولا حرج عما نقله إليها من العقائد الوثنية والإغريقية والرمانية المادية وغيرها من أفكار وفلسفات هدّامة كانت شائعة في ذلك العصر، مما أبعدها عن روح التعاليم السماوية التي دعا إليها المسيح عليه السلام.
أما الفلسفة اليونانية فقد ثبت أنها تخفي في طياتها شخصية يهودية على أمل إقرار السيادة على الشعوب بواسطة تلك المعارف – وهذا حال أوروبا وأمريكا اليوم – "إذ أن قسيسا يدعى (أوزيب) نشر في أحد كتبه بعض فصول كتاب (نومي موسى) القائلة بفكرة أخذ فيلسوف اليونان أفلاطون كثيرا من أفكاره عن موسى عليه السلام" [10]، ومن العقائد اليهودية. "وأن فيلسوف يهودي قد ادّعى مطابقة أفكار بعض فلاسفة اليونان أمثال أفلاطون وسقراط مطابقة تامة لقواعد اليهودية وأوامرها" [11]. ويقول حاخام اليهود وفيلسوفهم الشهير (فيلون): "أن النظريات اليونانية هي نفس ما جاء في دين اليهود" [12]. وذلك العمل قام به اليهود لأن: "الحاخامين كانوا يضعون خيوطهم لجر المدنية الغربية النصرانية نحو اليهودية" [13].
ا
لمؤامرة اليهودية على النصرانية
ونقفز مع التاريخ إلى مرحلة التحول الكبير الذي حدث في تاريخ أوروبا والغرب كله مع بدايات عصر النهضة، الذي كان من أشهر وأهم أسبابها ما يدعى بثورة مارتن لوثر الإصلاحية، التي قام بها ضد كثير من معتقدات الكنيسة الكاثوليكية وانتهت بتأسيس المذهب البروتستانتي، أو ما يعرف اليوم باسم (الصهيونية "المسيحية"). وقد كان هذا أكبر إنجاز تخريبـي للنصرانية قام به اليهود بعد ما قام به بطرس وبولس في بداية عهد "المسيحية" فقد احتلت الأفكار والأدبيات اليهودية الموقع الأفضل في معركة ما يدعى بالإصلاح الديني البروتستانتي، وقد كان جل هم اليهود في هذه المعركة هو وضع أسس موقف نصراني غربي تجاه اليهود وعلاقتهم بفلسطين، بحيث يقوم على أساس اعتقادي ديني ويكون مقدمة لبعث "الدولة اليهودية" في فلسطين بجهود غربية، وهذا ما نجحوا فيه فعلا. فقد هودوا العقل الغربي البروتستانتي من خلال جعل العهد القديم (التوراة) أساس الإيمان والمرجع الأول لفهم العقيدة النصرانية، وكذلك أعادوا تفسير وعد الرب لعودة اليهود إلى فلسطين على أنها لم تتم بعد، علما أنها تمت في عهد الفرس، وقد تم فيها إعادة بناء الهيكل، كما أنهم أعادوا القداسة للغة العبرية على أنها اللغة التي خاطب بها الرب "شعبه المختار".
كما أنهم أعادوا القدسية لخرافات وأساطير العهد القديم وربطوا عودة المسيح بعودة اليهود إلى أرض الميعاد وإعادة بناء الهيكل المزعوم. الذي سيجعل للبروتستانت شرف دخول اليهود "شعب الله المختار" في النصرانية بعد ذلك ولم يكتشف (مارتن لوثر) استغلال اليهود له من أجل تدمير النصرانية إلا متأخراً بعد فوات الأوان، وبعد أن حققوا أهدافهم مما دفعه للكتابة عام 1544 يقول (ما الذي يمنع اليهود من أن يعودوا إلى أرضهم، وأرض يهودا؟ لا أحد، ونحن نقدم إليهم كل ما يحتاجون من أجل سفرهم، لمجرد أن نتخلص منهم، فهم بالنسبة إلينا حمل ثقيل، وهم آفة وجودنا) [14].
ويؤكد فهمنا هذا لكلام لوثر عن اليهود أنهم "آفة وجودنا" القسيس الأمريكي الكاثوليكي (لويس ميرنون) الذي ربط بين استغلال اليهود للوثر وبين أهدافهم في أمريكا، تلك الأهداف التي حذّر منها أحد أبناء أمريكا قبل مائتي عام ونيف ولم يسمع منه أحد آنذاك، وهو رئيس أمريكا (بنيامين فرانكلين) الذي حذّر الأمريكيين من أن يصبحوا عبيداً في حقول اليهود بعد مائة عام، وذلك كان عام 1789م، وهذا ما أكده القس (يرنون الأمريكي)، الذي كتب يقول:
( ....ولكن هناك الكثيرون في الولايات المتحدة الذين يعتقدون أن إسرائيل ليست امتداداً حضارياً أو استراتيجياً لهم فداخل الدول اليهودية هناك من يهدد الآن ودون أي حرج بالتحول نحو السوفييت "إذا لم تعطونا ما نريد" وعندما يتم البحث فيما تريده إسرائيل يتبين أنها تريد أن تجعل من الولايات المتحدة "مجرد" مستوطنة يهودية، وهذا كلام القس الكاثوليكي لويس ميرنون الذي يقول أن اليهود تمكنوا من إقناع البروتستانت في أمريكا بأن اللوثرية هي في الحقيقة عملية ثورية لتنظيف المسيحية من الطقوس الرومانية وإعادتها إلى.... أصالتها اليهودية.
مع أننا كلنا نعرف مدى الخلاف الذي نشب بين مارتن لوثر واليهود بعدما تبين له أنهم يريدون ابتلاعه أو بالأحرى استثماره في مشروع لاهوتي ضخم لتحطيم المسيحية. وهنا يقول "ميرنون" أن اليهود الذين يعرفون أن لا خلفية تاريخية ضاربة للولايات المتحدة حاولوا معالجة هذا الفراغ بالتعبئة اللاهوتية وحتى يزيدوا من اضطراب الحالة الدينية راحوا يشيعون بأن الماشيح أي المخلص سيظهر في الولايات المتحدة وفي نيويورك تحديداً وليس في أورشليم. كل هذا عرفاناً بالجميل لهؤلاء الأمريكيين الذين أعطوا ثيابهم لليهود.
لا أحد عرف أين أصبح ميرنون الذي اتهم باغتياله الرئيس جون كيندي في 12 نوفمبر 1963 لكونه كاثوليكياً) [15].
ومن قال أن أمريكا لم تصبح "مستوطنة يهودية" بعد أن أصبح اليهود يشكلون عقلية الشعب الأمريكي كما يريدون؟!. يقول (بنيامين فريدمان): أن اليهود (يمتلكون أجهزة الإعلام العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتحكمون بها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بواسطة المعونات المالية. وتقوم هذه الأجهزة بتكوين البنية العقلية للشعب الأمريكي في كل القضايا المهمة وتحول دون إدراك هذا الشعب للحقائق) [16].
أما عن حقيقة الموقف الأمريكي من اليهود، فقد جاء ملخصا في دراسة مجلة الشئون الخارجية الأمريكية "فوريان أورينت أفاير" على لسان (جورج بول) وكيل وزارة الخارجية الأسبق قوله: (إن الأمر لا يقتصر على مجرد النفوذ القوي المؤيد "لإسرائيل" في الإدارة الأمريكية، وإنما الأمر يتعدى ذلك إلى حد أن السلطات الأمريكية نفسها لا تستطيع مناقشة أي قرار يخص المصالح "الإسرائيلية" دون أن تعلم به إدارة تل أبيب مسبقاً...). وفي حوار أجرته مجلة "الحوادث" مع (ريموند أدة) قال: (أمريكا باعت نفسها وروحها إلى "إسرائيل" ... ه التي تقرر وأمريكا هي التي تنفذ) [17].
هذا الكلام لجورج بول وريموند أدة قبل أن تبدأ عملية صهينة الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، فما بالك الآن والإدارة الأمريكية صهيونية أشد من الصهاينة؟!!. ونحن هنا لسنا في حاجة إلى التذكير أن أمريكا هي رائدة حملة الإكراه للعرب والفلسطينيين لقبول هذا السلام المذل للأمة، وما يترتب على ذلك من مشاريع إقليمية لدمج الكيان الصهيوني في نسيج المنطقة وشعوبها كعضو أصيل فيها، بل وقائداً ورائداً وشريكاً في كل شيء.
ونذكر المسلمون الغافلون في هذا الزمن، الذين يظنون كما حشى في عقولهم ووعيهم ولا شعورهم المستشرقون وأتباعهم من أبناء جلدتنا، من أن سبب تراجع الإسلام وتدمير الحضارة الإسلامية هو سيطرة الأجناس الأخرى من غير العرب على زمام الأمور في الدول الإسلامية المختلفة، أو عسكرة الإسلام ودوله، في الوقت الذي يشهد فيه التاريخ أن هذه الأجناس قد لعبت دوراً كبيراً في بناء الحضارة الإسلامية، وكذلك في نشر الإسلام وتثبيت أركانه في كثير من البلاد، وإن كانت لا تعفى من دور يعزى إليها في تراجع قوة المسلمين وحضارتهم. ولكن أسباب تراجع الإسلام وحضارته الحقيقية يعود إلى أسباب أكثر أهمية من الأسباب السابقة وعلى رأسها "اليهود" وما حصلوا عليه من حرية في الدول الإسلامية المختلفة، والمراجع للتاريخ يتأكد له أنهم كانوا وراء كل يد هدامة في دولة للإسلام، وخاصة في الأندلس والدولة العثمانية. وعن دور اليهود الخبيث في تدمير الخلافة والحضارة الإسلامية نختصره فيما قاله الدكتور (عبد اللطيف شرارة) في كتابه "الصهيونية جريمة العصر الكبرى": (لقد كان تحرير اليهود في إطار الحضارة الإسلامي سبيلاً إلى تهديم تلك الحضارة. إنهم أشبه الأشياء ببعض الطفيليات والهوام والدواب التي لا تملك أن تعيش إلا في مناخ خاص من القذارة وسوء الأحوال الاجتماعية) [18].
الســلام وســياســة الاخــتراق
ومن يريد أن يتأكد من ذلك. ومن أهداف وغايات السلام الذي يدعي العدو الصهيوني رغبته في إقامته مع الدول العربية والإسلامية، وينهي حالة العداء والكراهية والحرب بينه وبين العرب والمسلمين، فيكفيه أن يبحث عما قام به اليهود في مصر من عمليات اختراق وتخريب وتدمير للمجتمع المصري منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد بين مصر والعدو الصهيوني عام 1979م، وكذلك الأردن منذ عام 1994م تاريخ توقيع اتفاقية السلام المزعوم مع العدو الصهيوني. من هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر وخاصة في مصر :
*
نشر فيروس الإيدز: نُذكّر بمجموعة المومسات اليهوديات الحاملات لفيروس الإيدز اللاتي أرسلن بأمر من الموساد الصهيوني إلى مصر للسياحة ومعهن أوامر بممارسة الجنس مع كل مصري يطلب منهن ذلك، لنشر فيروس الإيدز وسط أكبر عدد من شباب مصر.
وبعد القبض عليهن بفترة تم القبض على سفينة فواكه وخضار في ميناء الإسكندرية قادمة من الكيان الصهيوني عبر أحد موانئ فرنسا "مرسيليا"، وعند أخذ عينة عشوائية منها للفحص الطبي وُجد أنها ملقحة بفيروس الإيدز!!
أما الجاسوسة اليهودية الليبية (سارة) وصديقها (تشارلز) الحاملين أيضاً لفيروس الإيدز وما أثير حولهما من ضجة لكثرة من وقعوا معهما في الزنا والفاحشة "فعل قوم سيدنا لوط" التي قام بها تشارلز مع مئات الأطفال من أبناء كبار المسئولين وقد سمى منهم "200" طفل بالاسم ونسيَ الكثيرين منهم،
وعن هذين المجرمين حدث ولا حرج عما أثاروه وارتكبوه من جرائم من هذا النوع وسط المجتمع المصري.
* ترويج المخدرات: وفي هذا المجال فإلى جانب مرضى النفوس المنتشرين في المجتمع المصري و ترويج كثير من أبنائه المخدرات، لم يتوانى اليهود عن اقتحام هذا المجال، ومن أشهر قضايا المخدرات التي قام بها يهود قضية ضابط المخابرات اليهودي "عزام عزام" الذي وصل به الأمر أن تحدى القاضي المصري الذي أصدر عليه حكم الإعدام بأن الحكم لن ينفذ، وفعلاً رغم أنه محكوم من نحو 10 سنوات إلا أنه لا زال لم ينفذ فيه حكم الإعدام، ولم تتوقف المساومات الصهيونية مع مصر للإفراج عنه.
* تدمير الاقتصاد المصري: إلى جانب مساعي اليهود لتدمير الاقتصاد المصري المختلفة فإنهم لم يتورعوا عن الدخول إلى مجال ترويج الدولارات المزورة في الأسواق المصرية، فقد ضبطت عدة عصابات تقوم بهذا العمل وكشفت التحقيقات عن أيادي يهودية تقف وراء ذلك. أضف إلى ذلك كثير من المشاريع الزراعية المشتركة مع العدو الصهيوني التي فشلت، ولم تفشل فقط بل وأفسدت التربة الزراعية وعدم صلاحيتها للزراعة بعد ذلك. بالإضافة إلى تهريب كميات كبيرة من البذور المضروبة "الفاسدة" والمبيدات الزراعية القاتلة للتربة وللثمار والمحاصيل وغيرها.
* تدمير البناء الأخلاقي: وفي محاولة من اليهود لتدمير ما تبقى من قيم أخلاقية إسلامية في المجتمع المصري، وإضعاف وتدمير بنائه الأخلاقي، وإضعافه لتسهيل عمليات الاختراق المختلفة التي تقوم بها ضد مصر، عملت على إغراق مصر بكميات كبيرة مهربة من الأفلام والمجلات الداعرة والهابطة وغير المشروعة وتوزيعها وسط الشباب.
*
اغتيال العلماء: وعلى رأسهم عالم الذرة المصري (المشد) الذي تم اغتياله في الإسكندرية لمنع أي محاول مصرية لتطوير برنامجها الذري والنووي السلمي معتمدة على ذاتها وقدراتها الذاتية، خوفا من تحول هذا البرنامج في المستقبل إلى المجال الحربي والعسكري، لأن العدو الصهيوني يريد أن يبقى هو الوحيد في وطننا المتفوق نوويا وعسكريا، لتبق له الهيمنة والسيطرة وقوة الردع التي تبطل مفعول أي حرب إستراتيجية مع العرب.
*
تدمير مقومات العقيدة والثقافة والحضارة: وفي هذا المجال يكفي أن نذكر بتلك الترجمة التي أعدها العدو الصهيوني للقرآن الكريم وحرفها حتى لا يخرج الإسلام عن كونه دعوة لليهودية.
إن الباحث عن عمليات التدمير والتخريب التي يقوم بها العدو الصهيوني في مصر بعد معاهدة ما يسمى بالإسلام سوف يفجع من هذه الوقاحة اليهودية في الحديث عن السلام. والأصح حديث بعض المهزومين من الرؤساء والمثقفين العرب عن السلام مع العدو الصهيوني في الوقت الذي يعلنون فيه الحرب على كل ما هو وطني وإسلامي في بلادهم!!
في الحقيقة أن السلام في المفهوم اليهودي – كما سبق وأوضحنا – ما هو إلا مرحلة الاختراق لمجتمعاتنا العربية والإسلامية في جميع مجالات الحياة، وعلى كل المستويات، وهذا ما أعلنه رئيس وزراء العدو الصهيوني (مناحيم بيغن) في الكنيست الصهيوني عام 1979م أثناء دفاعه ضد انتقادات المعارضين في الكيان الصهيوني لاتفاقيات كامب ديفيد آنذاك. وبعدها أصدر كتاباً له باسم "الاختراق" يؤكد فيه على أن ما فعله بالاتفاق مع مصر إنما هو تنفيذاً لأوامر الرب "يهوه"، ويوضح فيه لليهود الدور الذي عليهم القيام به في المرحلة القادمة التي يسميها مهزومي الأمة "بمرحلة السلام".
أما وزير الحرب الصهيوني آنذاك (عزرا وايزمان) ففي دفاعه عما فعله رئيسه وحزب الليكود من توقيع لاتفاقية كامب ديفيد مع مصر، فقد كشف أن هذا كان حلم وهدف العدو الصهيوني من قبل قيام كيانه المغتصب لوطننا عام 1948، لأنه هو السبيل الواقعي لتحقيق العدو الصهيوني لأطماعه في وطننا، وليس طريق الحرب والاحتلال العسكري. وقد عبر عن هذا عام 1979 مفاخراً بتوقيع حزب حيروت لمعاهدة سلام مع مصر حيث قال :
(لقد حاربنا خلال السنين لنصبح جزءاً من هذه المنطقة، التي نحن متجذرين فيها من الناحية التاريخية، والتي جلبنا الحضارة إليها فهذه حرب سياسية دائمة فقد بحث جميع قادتنا عن الطريق المؤدية للاندماج. وإنه لشرف عظيم لحركة حيروت ولمناحيم بيغن أنهما قادا الشعب إلى هذا الطريق) [19].
إذاً معاهدات سلام كاذبة يوقعها العدو الصهيوني مع دول الجوار هي طريقه للاندماج في نسيج شعوب المنطقة، وقبوله عضواً أساسياً في منظومة جديدة لدول المنطقة "الشرق الأوسط". ويحقق لنفسه التحرر والانعتاق من اعتماده على المساعدات الخارجية التي تقدم له من الدول الغربية.
فالعدو الصهيوني يريد سلاماً يحرره من ذلك، ويفتح أمامه مجالات التعاون الاقتصادي، والمشاركة في ثروات المنطقة، التي اعتبرها (بنحاس سابير) ووزير المالية الصهيوني الأسبق عام 1979م أنها أموال اليهود، التي يعبث بها العرب الهمج في كازينوهات ومنتجعات الغرب، والتي يجب أن تعود إلى اليهود. كما أن السلام سيوفر على العدو الصهيوني تكاليف الحرب والنفقات العسكرية الباهظة من أجل توسيع حدوده لتوفير موارد اقتصادية جديدة، وفتح أسواق جديدة، وتوفير أيدي عاملة رخيصة، كما اضطر لذلك عام 1967م. وقد اشتدت حاجتهم لما يسمى السلام ،خاصة مع الفلسطينيين بعد أن غدت الأراضي المحتلة الفلسطينية بالتحديد بعد ثورة المساجد/ الانتفاضة الأولى عام 1987م تشكل عبئاً ثقيلاً على اقتصاد العدو الصهيوني، والأشد منها الآن ثورة الأقصى/ انتفاضة الأقصى المبارك وتسببت إلى جانب الأزمة الاقتصادية الخانقة في مجتمع العدو الصهيوني بأزمات لا تقل شدة على المجتمع الصهيوني من الأزمة الاقتصادية، وذلك على جميع الأصعدة، وخاصة الصعيد الأمني، وقد أعاقت تنفيذ مخططات العدو الصهيوني ومشاريعه المشتركة مع كثير من دول المنطقة، والتي أقامها باسم السلام الكاذب.