بقلم: د. طارق عبد الحليمالخميس 20 ديسمبر 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يعد هناك شكٌ عند المراقبين العقلاء أنّ الدولة المصرية، ككيان مركزيّ مسيطرٌ على البلاد وما يقع فيها، ويبسط سيطرته على مؤسساتها وهيئاتها العامة، قد سقطت فعلياً، وإن تماسكت على المسرح السياسيّ، إلى حين.
ذلك أنّ الصراع الدائر الآن بين العلمانية الملحدة، المدعومة من الخارج، خاصة ثلاثيّ الفجر الماسونيّ الصهيو-صليبيّ، أمريكا والإمارات وإسرائيل، ومن الداخل بالفلول وأموالها الطائلة التي استباحتها من دم شعب مصر، ومن مؤسسات الإعلام والداخلية والقضاء والنيابة، الذين خرجت حثالتهم تريد عودة الفساد المباركيّ للحكم مرة أخرى، ومن القبط الصليبيين الخونة الذين تآمروا على البلد الذي آواهم واحتضنهم قرونا عدة على شركهم ونجاستهم، ذلك الصراع قد بلغ أشده، وخرجت منه الدولة المركزية كطرف، وتركت الأطراف المتناحرة تصفى حساباتها بطريقتها الخاصة.
لقد تسببت قوى العلمانية الملحدة في سقوط الدولة كنظام، من حيث كانوا يحذرون من أنّ الإسلاميين هم من سيقوض أركان الدولة ويسقط أعمدتها. ولم يستح هؤلاء أن يتنكروا لما زعموه مبادئ لهم، والله يعلم أن ليس لهذه العصبة الكافرة من مبادئ، وقلبوا للديموقراطية ظهر المجنّ، وانحازوا للفكر الديكتاتوري المتمثل في سيطرة الأقلية. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لم تستح فاصنع ما شئت".
المثير للنقمة، والمدمر للأعصاب، ليس هو سقوط هذه الدولة، فقد نشأت ضعيفة وقام بها من ليس لديه شجاعة على المواجهة، إخوان التخاذل والخزى. لكن ما يحرق الدماء في العروق هو تلك البجاحة التي يتمتع بها هؤلاء الكفرة، وإعلامهم النجس. يحاصر البلطجيو بيت من بيوت الله، وفيه رجال ونساء وأطفال يوماً كاملاً، فلا تحرك الداخلية ساكناً، ولا تنشر الصحف خبراً إلا بغاية الإقتضاب، ثم يتولى إنقاذ هذا الجمع عددٌ من السلفية الجهادية في الإسكندرية. وإذا بالدنيا تقوم ولا تقعد حين يرشق بعض الناس، غالباً هم مأجورون لهذا الأمر، مركز حزب الوفد العلمانيّ الماسوني الملحد! وقد سبق أن حرقت الفلول سبعة وعشرين مركزا للإخوان وحزبهم دون أن تتدخل الداخلية المتآمرة.
الأمر اليوم يا إخوة الإسلام، أنه بعد سقوط هيبة الدولة، وخيانة مؤسساتها الأمنية، وتزاحم الأكلة على قصعتها، فإنه لابد من أن تؤخذ الأمور بقوة. ولا أدرى ماذا كانت فائدة حصار مدينة الإنتاج الإعلاميّ، الذي لم يقف فيه بثٌ لقناة ولا اتخاذ رهائن من هؤلاء الأنجاس!
إن الوقت قد حان للمواجهة الشاملة التي لا هوادة فيها. وليس هناك حلٌّ إلا أن يتحرك شباب الإخوان، الذين لا يشعرون بالمصيبة لا قبل وقوعها ولا بعده، مع شباب السلفيين الموهومين بمشايخهم الذين جلبوا العار على اسم السلف، مع شباب التوحيد والسنة الصحيحة، ويبدؤا في أخذ الأمور بأيديهم، ومزاحمة العلمانيين الكفرة بالقوة، ومجابهة طغيان الكفر بإرهاب الإسلام.
إن أي طريق غير هذا الطريق لن يصل إلى أيّة نتيجة ، فإن الكفر قد استعلن، وسار بدناسته يخطط ويدبر للفوضى التي هي سمة السقوط. وقد سبق أن بيّنا هذا السيناريو في مقال لنا بعنوان
"هي الفوضى إذن .. طريق لمصر"، بتاريخ 17 يوليو قلت فيها "فالفوضى التي تسود اليوم في مصر هي فوضى مقصودة، تظهر في كل جانب من جوانب الحياة، تقصد إلى هدمها وتكريس دولة بلا قانون ولا سلطة حقيقية، يعيش فيها الناس كأنهم في "زريبة بهائم"، يتصايحون ويتضاربون، باحثين عن خشاش الأرض قوتاّ، إن وجدوه". وهذا الذي قرّرنا وقتها هو عين الحق الذي نراه اليوم على ساحة مصر، فوضى ضاربة الأطناب في كل ناحية من نواحى الحياة.
إن قيادات الإخوان ومشايخ السلفية المنزلية لا خير فيهم، يعلم الله. يدافع عنهم حازم أبو اسماعيل وقد خذلوه ساعة الحاجة، ويدافع عنهم المحلاوى وتركوه ساعة الحصار، ونافح عنهم وجدى غنيم وفصلوه من جماعنهم، هنيئا له! هؤلاء لا حياء لديهم ولا رجولة ولا نخوة، بل هم الطبعة المتمسلمة من البرادعي والصباحيّ والبدوى، سواء بسواء. ووالله قد وقعنا اليوم بين شباب مقيدين بمشايخ متفلتين من الشرع، وبين شباب متفلتين من مشايخ مقيدين بالشرع، فالله المستعان.
عليكم أنفسكم يا شباب الإسلام، لا يضركم من ضل إن اهتديتم. اجعلوها ثورة إسلامية، فقد خابت ثورة 25 يناير لما اختلطت فيها الرايات تعددت المقاصد، والله سبحانه لا يحتاج إلى شريكٍ، بل يجب أن تَخْلُص النية لوجهه وحده سبحانه، لا علمانية ولا ليبرالية ولا كفرية، بل إسلامية صرفة خالصة مطهرة.