د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: الكارثة المصرية .. واحتمالات الحلّ الأحد فبراير 17, 2013 5:54 am | |
| بقلم: د. طارق عبد الحليم السبت 16 فبراير 2013
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفنا وتأكدنا أنّ مصر تواجه حالة كارثية من الفوضى المنظمة والإضرابات المنسقة والتخريب المتعمّد، التي ينظّمها ويقودُها شلة الكفر العالمانيّ، المسماة بجبهة الإنقاذ. كما عرفنا وتأكدنا أنّ السبب في هذا يرجع كلية إلى الغباء السياسيّ والتخلف العقليّ والانحراف العقديّ التي تتمتع به جماعة الإخوان، التي أعطاها الشعب صفقة يده، معتقداً في استقامتها وخبرتها! بلا دليل إلا عداء الأنظمة السابقة لها، من باب "عدو عدوي صديقي"، الذي لا يصلح إلا في إدارة المجتمعات البدائية أو على مستوى الخلافات العائلية. فقد أتيحت للإخوان فرصٌ عديدة في العامين الأخيرين للإطاحة برؤوس الكفر، واستغلال ضعف المُعادين لله سبحانه وللشعب وقتها، وضعف القوى الأمنية التي تعودت أن تفرض إرادتها من وراء الستار. لكن العقيدة والسيكلوجية الإخوانية، أبتا إلا أنْ تضيّعا تلك الفرص، وأن تتمسك بالحلّ الديموقراطيّ، الذي لا حقيقة له على وجه الأرض. وها هم أولياء الديموقراطية من كفار مصر يديرون وجوههم لها، ويستخدمون كل ما يتاح لهم من مال وبلطجة لإشاعة تلك الفوضى والتخريب. فكان فعل الإخوان أقرب إلى قول الله تعالي "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلْأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلًا ﴿103﴾ ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" الكهف 104. إن قوى الكفر العلمانيّ لن تقبل بأنصاف الحلول، ولا التقابل في منتصف الطريق، الذي هو حلم الإخوان وسبيلهم. إنّ هؤلاء الكفار لن يقفوا عند حدٍ مهما قدّم لهم الإخوان من تنازلات. وسياسة السلطة الفلسطينية الخائنة كانت ولا تزال دليلاً على هذا النسق من التعامل مع كفار اليهود. ليس ذلك أننا نسوّى بين عباس البهائيّ وبين مرسى وإخوانه من كلّ الوجوه، لكن هذا الوجه هو سمة مشتركة ينهما، لا خلاف على ذلك. السؤال إذن، لِمَ يقبل من يتمحّك بالإسلام بحلول الوسط ، كما يحاول خاسري السلفية ومدّعيها في حزب "الزور" المسمى بالنور؟ إنّ الحلّ، كنا نراه، يكمن في يد قوتين لا ثالث لهما اليوم. أولاهما الجيش، والثانية قوى الشعب المناهض للعلمانية، ولجبهة الكفر. ولا أرى الإسلاميين طرفاً في المعادلة اليوم وياللأسف.أما عن الجيش، فهو بين أمرين، إمّا أن يحسم الفوضى لحساب حكومة الإخوان، بأن يعلن الأحكام العرفية في البلاد، وأن يترك الحكومة تعمل في ذلك الوقت لحين إلغاء تلك الأحكام، ثم يطيح برؤوس الفتنة بلا هوادة، سجناً او قتلاً. وإمّا أن يطيح بحكم الإخوان كلية، ويطيح كذلك برؤوس الفتنة بلا هوادة، سجناً او قتلاً، ثم يُجرى انتخابات برلمانية جديدة. وهذا التصور يستلزم ولاءً للإخوان بدرجة عالية، وبعض الولاء للإسلام، بدرجة ما، وهو ما لا نتصوّره في جيش مصر، ولا في أيّ جيشٍ عربيّ في عصرنا النكد هذا. أو أن تخرج قوى الشعب المناهضة للعلمانية والكفر البرادعيّ الصباحي البدويّ، سواء من أتباع الجماعات التي تتمسح بالإسلامية أولا، كما خرجت من قبل على النظام الفاسد، فتتطيح بقوى الظلام والفوضى. لكن المشكلة في هذا التصور، أن أتباع الحركات الإسلامية، الذين يجب أن يكونوا هم قادة مثل هذا التحرك، وخطّ هجومه الأول، هم من لا يريد للشعب أن يقول كلمته الحاسمة كما قالها في 25 يناير. بل إن قادة هؤلاء، من أشباه الرجال ولا رجال، أجسام البغال وعقول ربات الحجال، يثبّطون عزائم الشّباب، ويلهونهم بطرق الديموقراطية الزائفة وبإدعاء "الفهلوة السياسية"، حتى يأتيهم اليقين، وتنهار دولتهم، ودولة مصر كلها بسبب تخنثهم وضعفهم. يجب أن يكون معلوماً أن قوى الكفر لن تسكت حتى تقع مصر تحت حكمها، ويومها الوَيل كل الوَيل للإخوان، وللإسلاميين، ولكلّ أمر أو شخص يمتّ للإسلام بصلة في بلادنا. إن الصراع اليوم، سواءً فهم ذلك الإخوان أم غفلوا، هو صراع حياة أو موت. إما حياة الإسلام، وموت الكفر، أو حياة الكفر وموت الإسلام في عصرنا، في بلادنا، على أيدينا، ثم الله حافظه في غير بلادنا وغير عصرنا. الإسلام والكفر لا يلتقيا، ولا يتصالحا ولا يتفاوضا في بلدٍ واحد. هذا أمرٌ مفروغٌ منه عند من عنده أثارة من علمٍ أو ألقى السمع وهو شهيد. لكن من يحمل بين جنبيه إسلاما وكفراً، وسنة وبدعة "مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ وَلَآ إِلَىٰ هَـٰٓؤُلَآءِ" النساء 143، ويريد أن يتخذ بين ذلك سبيلاً "وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا۟ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا" النساء 50، هؤلاء ليسوا جزءا من الحلّ بل إنهم جزء من المشكلة. هؤلاء ليسوا الدواء، بل هم الداء. لا نظن إننا بحديثنا هذا قد وضعنا تصوراً للحلّ، بل ولا نحاول هنا أن نضع تصوراً لحل، إنما نحن أقرب إلى وضع سيناريوهاتٍ وتصورات لما يمكن أن يحدث على أرض مصر. فإن من يضع تصوراً لحلّ مشكلة ما، يجب أن يكون له أثرٌ في توجيهها بشكلٍ ما، ونحن، الإسلاميون، اليوم لسنا طرفاً في المعادلة إبتداءً، بل نحن أعداء لطرفيّ الصّراع، على إختلاف درجة العداء مع الكفر ومع البدعة على درجاتها[1]. لا نملك إلا أن نقول انتهاءً "حسبنا الله ونعم الوكيل" فيمن تسبب في هذه الفوضى وهذا الخراب
[1] البدعة تنقسم إلى صغيرة وكبيرة، والكبيرة منها ما هو في الفروع، ومنها بدعة فٌي أصلٍ كليٍّ عامٍ، ومن هذه الأخيرة ما هو كفرٌ مخرجٌ من الملة. وقد وقعت الإخوان، منذ أن نشأت، في بدعٍ في أصولٍ كلية عامة، وهو سبب تخبطهم. | |
|