د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: على هامش جُمعة التصحيح! الإثنين سبتمبر 12, 2011 1:52 am | |
| على هامش جُمعة التصحيح! د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
أود، في أعقاب أحداث جمعة التصحيح، أن أعقب على ما حدث فيها، حيث إننى كنت ممن حثّ على الخروج لتصحيح المَسَار، سواءاً الجمعة الفائته، أو بعدها. فالباب إذن لا يزال مفتوحاً للخروج لنصرة الحق، سبعة ايامٍ في الأسبوع!
لقد ذكرتُ في مقالي، بغاية الوضوح، أنّ تصحيح المسار هو "واجبٌ شرعيّ، لا يُفوّتُه إلا خائنٌ لله ورسوله، سواء يوم الجمعة، أو غير يوم الجمعة"، وهو ما لا يعنى لزاماً الخروج في الجمعة الفائته، بل يعنى أنه لا بد من تصحيح المَسار، إما مشاركة في الجمعة الفائته، أو في غيرها. أمَا وقد بينت ذلك، فإنه يجب أن نلقيَ الضوء على ما حدث يوم الجمعة.
لا يخالف أحدٌ في صحّة وشرعية المطالب التي تقدم بها الشعب الذي خرج في جمعة التصحيح، علمانيون أو مسلمون. وقد خلت هذه المطالب من مقولة الدولة المدنية والدستور أولا، وهذا الهراء الغثّ. وسارت الأمور في طريقها الصحيح، إلى أن توجهت جماهيرٌ إلى سفارة الصهاينة، وبدأت في تكسير الجدار العازل، الذي لم يكتف حكام مصر أيام مبارك من إقامته على حدود غزة الحبيبة، بل أقامه حكام مصر اليوم داخل القاهرة، وعلى أعين الناس. ثم بدأ الزمام في التفلت، وحدث ما لم يكن من الواجب أن يحدث من مواجهاتٍ دامية، وحرائق ناشبة.
أجزم أن ما وقع من أحداثٍ، خالفت ما أعلنه منظموا التظاهرة، هي من فعل أنصار الجرزان، العادلي ومبارك وجمال، لا يشك في هذا عاقل. والسبب والمسؤول عما حدث هو المجلس العسكري، لا غيره.
أليس المجلس العسكري هو من ترك العادلي وشلته يحركون أتباعهم في الشوارع، ولو أراد، لكان العادليّ وصحبه في حبسٍ إنفراديّ دون أي وسيلة للإتصال؟
أليس المجلس العسكريّ هو من إختار الوزراء، ومنهم العيسوى، المتواطؤ على ترك رموز الفساد في الداخلية، وفي غيرها من مؤسسات مصر كافة، يعيثوا فيها الفساد، ويموّلوا البلطجية لتشويه وضرب الحركة الشعبية؟
أليس المَجلس العسكريّ هو الذي إستهان بمشاعر المصريين، وضرب بإرادتهم عرض الحائط، واستمر في العمالة للصهاينة والصليبيين الأمريكان، بعد مقتل أبناء مصر، وإصراره على إتخاذ موقف الخيانة من قضية فلسطين، كسَلفه مبارك، ولم يتخذ ولو موقفا نصف حازم، يحفظ به ماء وجهه، ووجه مصر؟
أليس المَجلس العسكريّ هو الذي لا يزال يضخ الغاز للعدو الصهيونيّ، بينما يُحاكم عاطف عبيد وأتباعه على "جريمة" تصدير الغاز؟ أحين يضرب الصهاينة عرض الحائط بالمعاهدات الدولية وقرارات الأمم المتحدة الأمريكية، لا يعبأ أحدٌ لذلك، بينما نحن من نحترم التعهدات والمعاهدات على ظلمها وجورها؟
أليس المَجلس العَسكريّ هو المُستفيد من هذه الأحداث بالدرجة الأولى، حيث ستكون هذه الأحداث مُبرراً لتأجيل الإنتخابات، وتسليم السلطة، واستمرار وتفعيل قانون الطوارئ، وزيادة تكميم الأفواه، وتعتيم الإعلام؟ وقد يقول قائل، أليس إذن عدم الخروج الذي دعت اليه القيادات الإسلامية كان أولى من باب عدم إتاحة هذه الفرصة للعسكر؟ قلنا، لا والله، بل هم سيحاولون هذا بخروجٍ وبلا خروج. ومن التغفيل أن نحسب أنهم سوف يتركوا للإسلاميين فرصة الحكم، إلا أن يكونوا من طراز عبد المنعم عبد الفتاح، أو حتى على منهج الإخوان الذي يَضع الحُكم بما أنزل الله موضع المندوب، وهو ما لم يقبله منهم الحاكم طوال الستين عاما الماضية، إذ لا أقل من أن يكون من يرضونه يرى حكم الشريعة مكروهاً أو حراماً!
ثم، يجب أن نفرّق بين أهداف التظاهرة، وبين العِمالة التي أدت إلى مثل هذا الشغب المُفتعل. فهدف تصحيح مسار الثورة هدفٌ لا مجال للتراجع عنه ولا إغفاله، إذ إن الثورة قد أصبحت رماداً بعد أن صبّ عليها المجلس العسكريّ ماء التواطئ والعمالة، واستمر في نهج مبارك حذو القذة بالقذة. وكيف لا، وهم صنيعته، وسياستهم وليدة سياسته.
هدفُ تصحيح المَسار، يجب أن يظل أمام أعين الشعب، وشباب الإسلاميين خَاصة، إذ إن القيادات الإسلامية الحالية قد نشأت وترَعرَعت في ظِلّ الإرهاب والقَهر، فخَرجت مُشوّهة لا تصْلحُ لجَو الحُرية، ولا تعرف كيف تتعامَل معه. ولا يزال الخوفُ يتملّكها ويأخذ بناصِية عقلها البَاطن والظاهر، ويجد لتراجِعها وتخاذلِها كافة المُبررات، التي لولا هذا الخوف، ما وَهنت ولا استَكانت. وهي في ذلك كمن تعوّد القيد بعد أن أُحكم عليه، فلم يعد يحاوِل كسره، وهو لا يعلم أن القيد قد إهترأ من مرّ الزمن وعوامل الدهر.
قد أثبتت جمعة التصحيح أنّ الشعب قد كَسَر حَاجز الخوف بلا رجعة، وأنه، سواء بالإسلاميين أو بدونهم، لا عودة للمذلة والطغيان. كما أثبتت أن الحاكم هو الحاكم، أعمى البصر والبصيرة. فالمجلس العسكريّ لا يدرك، في الظاهر، أنه يسير في خطى مبارك خلال السنتين الأخيرتين من حكمه. فهل يظن هؤلاء أنهم سينجحون فيما أخفق فيه زعيمهم؟
لا يزالُ الباب مفتوحاً أمام أولئك الذين تشوّهت نفسياتهم من سنوات الظلم والقهر، أو عصور التقوقع والتحوصُل، أو عهود المشاركة لا المغالبة، أن يقودوا الجماهير المسلمة الغفيرة ضد ظلم العسكر، وليفسدوا عليهم خُططهم، وإلا فهم أول من سيدفع ثمن التواطئ والمداهنة.
* 11 سبتمبر 2011
http://www.almaqreze.net/ar/news.php?readmore=1384 | |
|