د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: عرفنا وفهمنا .. فما الحلّ؟ السبت أكتوبر 08, 2011 2:22 pm | |
| عرفنا وفهمنا .. فما الحلّ؟
د. طارق عبد الحليم الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يدع المجلس العسكريّ أي مجالٍ للشك فيما ينتويه لمصر والمصريين. لم يعد الأمر أمر "قلق مشروع"، كما عبر محمد بديع في كلمته الأخيرة، على استحياء من المجلس، وهو أمر فيه تناقضٌ، إذ لو صار القلق مشروعاً مبرراً لم يعد قلقاً من مجهول، بل عَاد مواجهةً مع معلوم منتظر. وهو واقع الحال الذي قَصّر بديع في وصفه.
إتفق مرشحوا الرئاسة (إفتراضاً)، على أن الوضعَ كارثيٌّ، وأصدروا جَدولهم الزمنيّ للإنتخابات البَرلمانية والرئاسية.
عرفت جميع فصائل الشعب، مسلميهم وعلمانييهم، إلا الفئة التائهة عن السلفية، التي يترأسها عماد عبد الغفور، والفئة المنحرفة التي يرأسها عاصم عبد المجيد، وتلك الفئات الضئيلة الضالة من أدعياء السلفية، ثم القبط، عرفوا أنّ العسكر هم خدم مبارك، وأولياء الصهاينة والصليبيين، وأنهم يرغبون، بل ويضحّون بمصر كلها، إن لزم الأمر، ليحتفظوا بالحُكم. لم يعد هذا خافياً على أحد.
لكن السؤال الآن، هو ما الحلّ إذن؟ العسكر، في مواجهة تلك الهجمة العارمة عليهم، سواءاً من قادة الحركات والأحزاب، أو من الشعب بنكاته وسخريته، يلعبون لعبة "ودن من طين وودن من عجين". يقولون للشعب "قولوا ما شئتم، فبيدنا القوة، والحكومة، والميزانية، والداخلية والخارجية، كلّ لنا طائعون، فما أنتم فاعلون؟".
يقول المجلس العسكريّ لمرشحي الرئاسة الإفتراضية "نحن من سيدعوا للإنتخابات يوم ندعو لها، ونحن نخاطب المطابع، ولجان الإنتخابات، ونصدر التشريعات، التي تلتزم بها الجهات الحكومية، ونعلن النتائج، فما الذي بيدكم أكثر من الكلام؟"، و"الكلام ببلاش" كما يقال.
وهو أمرٌ حقٌ، لو تفكرنا. المجلس العسكريّ يختبر قوة الشارع المصريّ، يعلم أن هؤلاء الأفراد من رؤساء أحزاب أو مرشحي رئاسة، ليس في يدهم من الأمر شئ. ويُراهنُ هذا المَجلس العَميل على سحق الفرد المصري تحت ضغط الحاجة والفقر وعدم القدرة على الخروج مرة أخرى. كما يعتمدُ على قانون الطوارئ، المنتهية صلاحيته، ليهدّد ويتوعّد، ويعتقل ويشرّد، ويضرب ويعذب. وقد أعاد بالفعل هيكلة الشرطة وأمن الدولة، ليعودا ذراعاً لبطشه وغدره، أسوأ مما كان قبلاً.
ما الحلّ إذن؟ لعل السيناريو الذي يسعى له هذا المجلس الشيطانيّ هو أنه مع مرور الوقت، وزيادة إنشغال الناس عن المظاهرات والمليونيات، أن يعتقل مرشحاً أو إثنين من مرشحي الرئاسة، على مذهب "إضرب المربوط يخاف السّايب". ةفي ذات الوقت ستأخذ العجلة الحكومية في الدوران بما قرّره هذا المَجلس العَميل، وستمتدُ الإنتخابات ستة أشهر أخر، وستكون مثالاً للتزوير، ومحلاً ومرتعاً لفلول مبارك. ثم تطول فترة إنتخاب الهيئة التأسيسية، ثم يثور الجَدل حول المبادئ الحاكمة، ثم تتأجل الهيئة التأسيسية، ثم تتأجل إنتخابات الرئاسة عدة سنوات.
الحلّ، فيما نرى، ليس له إلا وجه واحد، أن تدعو الأحزاب الواعية بحقيقة ما يجرى، ومرشحى الرئاسة المعنيين، إلى الخروج والإعتصام، والعِصيان المَدني التّام، بلا تأخرٍ ولا تردّد. ويجب أن تكون هذه الدعوة جماعية، حتى لا ينفرد العسكر بأحدٍ منهم. ويستمر هذا الخروج إلى أن تستقيل الحكومة، ويعدل العسكر عن قراراتهم، أو أن يتكون مجلس رئاسيّ من الستة مرشحين الذين عقدوا الإجتماعات السابقة.
لا حلّ إلا هذا، يجب إزالة العسكر عن السُلطة فوراً ودون إبطاء، ودون مراوغة، ودون إمهالٍ أو تباطؤ.
هذه الفترة من تاريخ مصر، فارقة كأشد ما يكون الزمن فارقاً، بين مستقبلٍ واعدٍ، يحمل الكرامة والعدالة والحق، والإسلام، وبين مستقبل مظلم، هو إمتداد لعهد الفراعنة الأوائل، يمتلؤ بالذلّ والفقر والخيبة. فماذا أنتم فاعلون يا أهل مصر؟
يا أهلَ مصرَ هبّوا طــالَ نومُكمُ إن العَسـاكِر قد خَانـوا وقد بَاعـــوا
لا تسْكينوا، فدينُ الله في خطــرٍ والله ينصرُ من ضَحوا ومن باعوا
* 7 أكتوبر 2011 | |
|