احمد ابو رتيمة
عدد المساهمات : 4 تاريخ التسجيل : 09/09/2011
| موضوع: أي شر أريد بمصر؟؟ السبت أكتوبر 15, 2011 12:09 pm | |
| أي شر أريد بمصر؟؟
أحمد أبورتيمة| 12-10-2011 00:58
من الصعب افتراض البراءة في توقيت أحداث الفوضى التي تشهدها مصر في مرحلة ما بعد الثورة، وأنها لا تزيد عن كونها احتجاجات مطلبيةً..
آخر حلقات هذه الفوضى وأعنفها كانت المواجهات التي اندلعت بين متظاهرين أقباط والجيش المصري مساء الأحد وأسفرت عن مئات بين قتيل وجريح..
المقام لا يحتمل مناقشة ما إذا كان المتظاهرون على حق أو على باطل ومدى شرعية مطالبهم التي ينادون بها، فمصر في حالة حرجة لا تحتمل معها مزيداً من الاستنزاف، وأياً كانت تبريرات المحتجين فإن المحصلة النهائية هي صورة فوضوية ترسم ملامح المشهد في مصر وتنذر بانجرارها نحو مستنقع من الفتن والتمزق والتفكك ربما يؤدي إلى انهيار الدولة لا سمح الله..
ككاتب فلسطيني أكتب في هذه القضية لأنني أشعر أن ما يحدث في مصر هو قضيتي الأولى وأنها لا تعني المصريين وحدهم.. فمصر هي قلب الأمة، والعمل على وحدتها وتماسكها ونهضتها هو واجب ملقىً على عاتق كل المخلصين من أبناء الأمة، لأن مصر إذا نهضت نهض معها العرب والمسلمون، وإذا انكسرت انكسرت الأمة كلها..
أعداؤنا المتربصون بنا الدوائر والذين إن تصبنا حسنة تسؤوهم وإن تصبنا سيئة يفرحوا بها يدركون هذه الحقيقة جيداً، ويعلمون أن استقرار مصر وتحولها نحو الديمقراطية والحكم السياسي الرشيد هو نقطة التحول الفعلية في مسار الأمة التاريخي لذا فإنهم فرحون على الأقل إن لم يكونوا مشاركين بتورط مصر في دائرة من العنف والفتنة تشغلها بنفسها عن التطلع للبناء والمستقبل..
ليس من السهل الافتراض بأن الأعداء قد سلموا بسهولة بحقيقة انتصار إرادة الشعب في مصر، ويئسوا من محاولات تعويق نهضة الأمة الإسلامية، فهذه النهضة تعني وضع حد لتاريخ الهيمنة والاستعمار ونهب الثروات والخيرات من بلادنا، لذا فإن احتمالات تورط جهات خارجية في تذكية نار الفتنة، وتعزيز المشاعر الطائفية هي احتمالات قوية، والموساد له سوابق عديدة في دعم مثل هذه الحركات بالمال والسلاح، ومن يتابع بدقة تغطية فضائية مثل البي بي سي يلاحظ اهتماماً خبيثاً بكل خبر من شأنه أن يبرز إلى السطح عوامل الفرقة والاختلاف..
لكن ولأننا لسنا من هواة عقدة المؤامرة فإن المدان الرئيس في هذه الأزمة ليست الأطراف الخارجية ، فهؤلاء أعداؤنا ومن الطبيعي أن يبذلوا جهدهم في سبيل إضعافنا وتمزيقنا، بل إن المشكلة هي في قابلية فريق منا للانجرار وراء هذه المخططات الآثمة وأن يتحولوا إلى أدوات تنفيذ لهذه الأجندات الخبيثة سواءً علموا أم جهلوا..
من الجريمة بحق الأمة كلها أن تشغل مصر في هذه المرحلة الحرجة بهذه الأحداث الطائفية المشبوهة وأن تجرنا عواطفنا لردات فعل غير محسوبة تحرفنا عن أولويات المرحلة..
المجلس العسكري الحاكم في مصر ليس بعيداً عن المسئولية تجاه هذه الأحداث، إن لم يكن بطريقة مباشرة، فبتسويفه ومماطلته في تسليم الحكم إلى المدنيين وعمله على إطالة أمد بقائه في الحكم، فهذه المرحلة الانتقالية التي تغيب فيها سلطة منتخبة والتي لا تزال فيها الأوضاع غير مستقرة تمثل الوسط الذهبي لاندلاع مثل هذه الأحداث وتفاقمها..
الطبيعة لا تعرف قانون الفراغ، فمن لم يشغل نفسه بمعالي الأمور شغلته نفسه بسفاسفها، وفي ظل غياب حياة سياسية مستقرة في مصر، فإن المناخ مهيؤ لبروز مزيد من الخلافات والأحداث الطائفية التي تملأ الفراغ..
الرد على أحداث الماسبيرو لا يكون بإطالة حالة الطوارئ ولا باللجوء لتصعيد مقابل قد يدخل مصر في دوامة لا تخرج منها، بل إن هذه الأحداث يجب أن تمثل دافعاً قوياً للتسريع في إجراءات نقل السلطة إلى الشعب عبر انتخابات نزيهة تفرز سلطةً شرعيةً منتخبةً تتعامل مع هذه الملفات الشائكة بحكمة ومسئولية..
إن مصر باتت اليوم ميدان صراع عالمي بين أعداء الأمة من جهة وبين كل المخلصين والشرفاء الذين يتطلعون لنهضة الأمة واستعادة دورها الحضاري..
فهل نملك القدرة على إدارة هذا الصراع والانتصار فيه بوعي وحكمة وروية بعيداً عن العواطف..
نسأل الله أن يحفظ مصر من عبث العابثين وأن يجعلها بلداً آمناً..
اللهم آمين
abu-rtema@hotmail.com
| |
|