د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: المجلس العسكريّ .. في مواجهة الشعب الأربعاء نوفمبر 09, 2011 3:51 am | |
| المجلس العسكريّ .. في مواجهة الشعب
د. طارق عبد الحليم الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
لم يعد الموقف الآن في مصر عسيراً على الفهم، عصياً على النظر، إذ أسفر المجلس، أخيراً، بما لا يدع تأولاً لمتأولٍ، إلا من كان على غفلةِ ذاهلٍ أو على نفاق مداهن، عن مراميه، التي كانت، يعلم الله، غاية في الوضوح لكل ذى عقل وبصيرة، منذ 11 فبراير الماضى.
المجلس العسكريّ لا يرضى بأقل من أن يسيطر على الحكم، ويجعل الدولة عسكرية، أشد مما كانت من قبل، بوضع صفتها العسكرية في الدستور. ثم بأن ينزع مهمة كتابة الدستور من يد الشعب، بوضع المعالم الرئيسية فيما أسماه بالوثيقة فوق الدستورية. ثم أن يعلو بسلطاته وتميزه على القانون، وعن المساءلة، في تصرفاته المالية. أي يريد هذا المجلس الخائن لله والوطن أن يكون حاكماً أعلى من الشعب والدستور ورئيس الجمهورية.
هذا ما يريده المجلس، وهذا ما ذكرناه من قب في مقالنا بتاريخ 22 يونيو الماضى أن "أمام الجيش طريقان لتحقيق تزييف الدستور، إن أراد أن ينتهج هذا النهج، لخدمة الأقلية من العلمانيين اللادينيين، التي تنتمى لها قياداته. أولهما، أن يفعل ما فعل في أمر التعديلات الدستورية، حيث تغاضَى عن الإستفتاء كليّة، وقام بإعلان دستورىّ، وأعلن أنّ الإستفتاء كان مجرد استكشاف لرأي الشعب!! والحق أن الغَرض من هذا التصرّف كان التمهيد لعملية وضع الدستور، وفرض أمر واقعٍ أن الدستور سيكون منحة من الجيش، وبالطريق الذي يراه. وما صَمْتُ الجيش اليوم عما يجرى إلا لإفساح الفرصة ليحي الجمل، الذي زرعه عمداً للتمهيد لهذه الخطوة، عن طريق تلك المؤتمرات الكاريكاتورية الهزلية، كي يجعل الفكرة مقبولة أو محتملة.
والطريق الثاني، هو أن يقوم الجيش، بدعوى الحفاظ على وِحدة البلاد ومَنع الإنشِقاق، بتشكيل لجنة وضع الدستور بنفسه، بدلا من البرلمان، ويختارها من الشَخصيات العلمانية اللادينية بنسبة أكثر من 40%، ليضْمَن عَدم تمرير ما يَفرِضَ التحاكم إلى الشريعة".
وهذا الذي يحدث اليوم، ليس بعيداً عمّا قرّرنا، إذ إنه اختار على السلميّ، العميل العلمانيّ، مع بضعة "طراطير" سياسية لإقرار مبادئ تعلو على الدستور، ثم يصدرها في بيانٍ دستورى، وتصبح مُلزمة للشعب بعده! بزعمِه. بل وحدّد الشخصيات اللادينية بنسبة 80%، مقابل 20% من ممثلى الشعب، فجاءت ضعف الأربعين بالمائة التي تصورناها!
إذن، فلا مجال اليوم لتخميناتٍ أو تصورات. الأمر على الطاولة بالفعل. وقد قرر الجيش أخيراً أن يواجه الشعب كفاحاً دون مواربة. لا مجال اليوم للصبر، وإعطاء الفرصة، والإنتظار، وعدمَ التخوين، وعَدم الثقة، ولا أيّ من هذه التَعلاّت الفارغة المحتوى، الخَائِبة الهدف، الفَاقدة للثقة في الله، الطافحة بالخوف من غير الله. اليوم لا مجال لتأويل أو تحليل، بل تتحدّث الكلماتُ عن أصحابها، وتُبينّ القَرارات مُراد مُنفِذيها.
هذا، وينشغل "إسلاميون" بما يزعمونه "إستعداد للإنتخابات"، يرتبون الدعايات، ويعلقون المنشورات. يتجهون بوجههم ووجهتم إلى الشعب، وكأن الشعب مالكٌ لأمره بعد! وكأن الشعب هو صاحب هذه القرارات الطاغية الباغية، التي يخرج علينا بها عسكر الخيانة والعمالة، يريدون التسلط والبغي والظلم.
ما يجب أن يتوجه اليه الجهد وتنحصر فيه الهمة، وتتحرك لتحقيقه الأمة، هو الحركة في سبيل القضاء على مصدر التسلط، وإسقاط من يتنادون بالطغيان ويسعون في الأرض فساداً بما يريدون من إحكام قبضتهم على الحكم، ليمسخوا الأمة أكثر مما مسخها المخلوع. لا يجب أن تنصرِف الوجوه من التربص بهذا المجلس العسكريّ المَكير، بعد أن أفصح عن خبث نواياه ونَتن أهدافه، إلى هراءٌ لا يصلح أمراً ولا يقدم نجاحاً، ألا للمتخلف المتخاذل. وقد قلت من قبل في 24 أغسطس الماضى تحت عنوان "عصبة طالوت.. والمشاركة في العمل السياسيّ"، قبل أن تقوم فتنة على السلميّ الأخيرة، التي أفصح بها العسكر عن مرماهم "أقول لا يصح، ولا يحلّ شرعاً أن يشارك إسلاميّ، ذو توجّه سنيّ صحيح، في العمل السياسيّ إذا نجَحَ العِلمانيون، ومن والاهم، في إصدار إعلانٍ دستورىّ حاكمٍ، يجرد الشريعة من مضمونها، ويجعل تطبيقها قاصراً على المبادئ العامة". ولا أزال أقولها، لا يصح اليوم إنشغال بإنتخابات ولا دعايات، والأمة تواجه خطر العسكرة والحكم الجبريّ المقنن.
وقد أفصح الشيخ الداعية المقدام حازم أبو إسماعيل في خطبة العيد اليوم عن هذا المعنى، ودعا إلى الجهاد في سبيل الله، بلا مواربة ولا مماحكة، ولا تراجع ولا سفسطة، فتجاوز بهذا جهل السلفيين وسفسطة الإخوان، وانبطاح الجماعة الإسلامية، وعمالة أصحاب الفضائيات، إلى ما يريده الله من المسلمين.
فأنتم الآن يا شباب الإسلام، بقدرة الله تعالى، من بيده تحقيق كلمة الله في الأرض، وإنما نحن دعاة، إن استجيب لنا نُصرنا، وإن تخاذل قومنا كسرنا، وقد قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، سيد الدعاة وإمام المرسلين "فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌۭ ﴿21﴾ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ"الغاشية22
06 نوفمبر 2011 | |
|