د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: "حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه لا بالسلاح الذي تخشاه"...بين ضبط النفس .. وإضاعة الأمة! الأربعاء نوفمبر 23, 2011 9:23 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
وصلتنى عدة ردود على مقال الأمس "نوايا العسكر.. وسبل المقاومة المسلحة"، تشير إلى أنّ ذلك السبيل ليس بسبيلٍ رشيد، وأنه يؤدى إلى حمامات دمٍ وهرج، وأن الشرع قد ربط القتال بالقدرة والإستطاعة، وأن ذلك سيؤدى إلى شرٍ أكبر من شر عدمه، وأن الأمر كله مؤامرة
أقول بداية أنّ هذا إجتهاد توجهت به إلى من هم يقفون أمام تلك القوة الغاشمة بالفعل، يتعرضون للرصاص والقتل، مجردين من أي وسيلة للمقاومة، لا لمن قبع في بيته وآثر السلامة.
أما عن أن ما يحدث هو مؤامرة اسدترج اليها الناس، فهذا أمر في غاية السذاجة والتوهم، وكأن العسكر هؤلاء آيات من الدهاء والمكر، والعقلاء من الذين استجابوا للخروج خراف تسير وراء ذابحيها بلا عقل! العسكر يا سادة يعملون بطريقة الأمريكان، ردود أفعال على ما يحدث، يحاولون أن يستغلونها، وأن ينحازوا بها عن سيرها، لا أكثر ولا أقل.
بالطبع سيحاول هؤلاء أن يركبوا الموجة وأن يستفيدوا من أي وضعٍ كان، سواء من وضع التهدئة والإستسلام الذي فيه الإخوان والسلفيون، والذي وصل بنا إلى وثيقة السلميّ وشفا حفرة الحكم العسكري أبد الدهر، بما في وثيقة السلميّ من بنود، وأن يستفيدوا في حالة الغضب الشعبيّ والخروج الجماعيّ، وإن كنت لا أدرى على ايّ وجه يستفيدون به اليوم .. إلا زعم أنهم فعلوا كلّ ذلك لتأجيل الإنتخابات .. وما أدراك ما الإنتخابات.
المشكلة أنّ هناك فريق، هم الإخوان والسلفيون، لا يرون أمامهم إلا الإنتخابات، وكأنها نهاية الدنيا، وكأنها إقامة الخلافة، وكأنها البعث الإسلاميّ المنتظر! أيظن هؤلاء أن العسكر، بطريق التهدئة واللين سيمهد لهم الإنتخابات ليفوزوا بها، أم أنهم سيزرعون في كل طريق شوك وألغام إما لإبطال نتائجها أو تزييفها؟ الذي يعتقد أن إنتظار الإنتخابات هو الحل، واهمٌ مُضَلل، لا يستفيد من التاريخ، بل من تاريخ الشهور العشرة الماضية وحده. لم تكن هذه الإنتخابات لتجرى، إلى ما يريده لها الناس من نزاهة وشفافية، مهما كلف الأمر، بما في ذلك استخدام البلطجية والتزوير وأصوات المصريين بالخارج، ونفس وسائل الداخلية التي يشرف حالياً على جهاز متابعة الإنتخابات فيها نفس اللواء الذي كان مشرفاً على انتخابات 2010!
فإن قيل، دعنا إذن ننتظر ليتم هذا ثم نخرج، هذا تضليلٌ للنفس، لأن من سار في طريق اللين والإستكانة سيخرج بتأويلٍ آخر للين والإستكانة في ظل التزوير. هذا يا سادة إتجاه عام لدى مجموعة من الناس .. منهم من أراد الفوز، وضحى بالنفس، ومنهم من رضي بالمُماطلة طريقاً وبالمُهادنة سبيلاً، وكلا الفريقين لن يتغير طبعه.
أما أن ذلك سيؤدى إلى حمامات دمٍ، فهو سبيل المقاومة، عرفها التاريخ على مدار الزمن، لا نصر إلا بها. ومن خاف من الموت، فليزم بيته. بل أقول أن من هذا هو منطقه وفكره، فلا يصح له شرعاً الخروج إلى الشارع ابتداءا، إذ هو يضع نفسه دون عدة في طريق الموت، كمن قتلوا هدراً بالفعل، وهو سبيلٌ لا تقره الشريعة ولا ترضاه أصولها.
أما أن ليس لنا قوة ندفعهم بها، وأن الشرع قد ربط القتال بالقدرة والإستطاعة، أقول هذا وهمُ الشيطان في العقول، وخيال الضعف في النفوس .. إذا خرج كل المثبطين والمتخاذلين إلى المواجهة، لكان لهذه الأمة القدرة على إزاحة هؤلاء في أقل من ساعات، وكلما زاد العدد، كلما قلّت الخسائر. إنما تخُلُفِ هؤلاء ونُكوصِهم هو ما يجعل العسكر يتوحشون عليهم. فأنتم المتخاذلون والمثبطون، سبب الهزيمة وداء الأمة. ثم أي قوة تريدونها للمواجهة أكثر من عدة ملايين من البشر، إن كَشّروا عن أنيابهم وهددوا بحمل السلاح في وجه عدة مئي من الآلاف من العدو؟ أي قوة تريدونها يا سادة؟ قوة البرلمان، وسطوة الكراسي؟! والله إنكم لواهمون ..
أنتم لستم بسوريا. سوريا مشكلتها قلة الكثافة في المواجهة، مما يسمح لهذه القوات أن تستفرد بالمئات أو آحاد الآلاف، تضربهم وتقهرهم، أما أنتم، فملايين عدة، إن أردتم، لا يقف في وجهها أحد. ولكم أن تتصوروا لو أن كل شوارع مصر امتلأت بالبشر، عن آخرها، أين يقف الجيش أو الشرطة هنالك؟
إن كان هذا هو إحساس الناس، فليعودوا إلى بيوتهم، ولينتظروا ما يفعل بهم العسكر، ويلاقوا عمل أيديهم وجبن قلوبهم، فلا يحل لهم البقاء في الشوارع، دون مقاومة.
ثم إننى أؤكد على السير وراء العلماء المشايخ المجاهدين في الميدان، والإستماع إلى توجيهاتهم، إنما ما طرحته إجتهاد لهم أرى أن الحاجة اليه ستنشاء عما قريب.
المُخذّلون والمثبطون هم من يخون هذه الأمة، ودعواهم الحفاظ على النفس إنما هي دعوى صريحة لإضاعة الأمة. | |
|