د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: الأيام القادمة .. وثورة التصحيح اللازمة! السبت مارس 24, 2012 10:10 pm | |
|
د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لنكُن واضحين صرحاء فيما يتعلق بهذه الفترة القادمة الحاسمة. فهي ليست فترة إنتخاب رئيس للجمهورية، بل هي فترة حسم بين مصر المسلمة العادلة ومصر العلمانية الفاسدة. هي فترة تحسم فيها القوى الإسلامية المخلصة، التى لم تنحرف ولم تداهن ولم تبع القضية، أمرها إما إلى نصر ورفعة وكرامة، وإما إلى خِزىٍ وهوانٍ وسجنٍ وإعتقال.
أعداء الله في الداخل يرتّبون أمرهم ليقوّضوا الفرصة المُتاحة أمام الإسلام والحرية، بأي طريقٍ كان. فبعد أن القوا بالماء البارد على الثورة والثوار، وأدانوهم وصوّروهم في صورة البلطجية، بمعاونة قوى العمالة الإخوانية وأدعياء السلفية المَريضة، فقطعوا الطريق الأوحد والأمثل للتغيير الحقيقي، لا التغييرالإخواني. ثم تبَنّوا ثلاثة استراتيجيات للقضاء على هذه الفرصة ديموقراطياً، بعد أن دَحَضوها شَعبياً، أن يزوّروا النتائج، وأن يقوّضوا سلطة الرئيس، وأن يضعوا دستوراً "توافقياً" علمانياً.
والمسلمون المخلصون، المتمثلون في عدة جبهات دعوية، وعدد من الدعاة والعلماء المستقلين عن ربقة التقليد والتجمعات، يعرفون هذا ويدركون السبل التي يتخذها المجرمون لتقويض مرتكزات الدولة الإسلامية السنية. لكن الأمر الآن، لم يعد أمر معرفة وإدراك، بل أمر عمل وحراك. لم يعد هناك وقتٌ للتروى والتأمل، بل هو وقتُ الترتيب والتحضير للسيناريوهات المتوقعة، والتي تبدأ بتفتيت الأصوات، عن طريق ترشيح أكبر عدد ممكن من الأسماء، كباسم خفاجي الذي سجن في قضية نصب! لتفتيت الأصوات، ثم استعمال المادة 28 لحسم النتيجة لصالح أحد المُرشحين التوافقيين. وفي نفس المرحلة يجرى طبخ الهيئة التأسيسية للدستور، إستعداداً لصبه في القالب العلماني الليبرالي الإخواني.
يجب على الجبهة الإسلامية الحقيقية، أن تتعاضد ليكون عملها مشتركا متكاملاً دون تضارب ولا تشتّت. يجب أن يعمل العاملون على أن تكون الجماهير المسلمة، وفي مقدمتها الشباب المسلم، مستعداً للخروج إلى الشوارع، مرة أخرى، في ثورة سلمية إسلامية، لا يسرقها منهم لصوص الإخوان ولا أدعياء السلفية، يضحون فيها بالغالي والنفيس.
سيواجَه المسلمون بقوى الشر وعملائها، من العسكر والداخلية وميليشيات الإخوان وشباب الأدعياء. ولكن نحن نعلم أن الشعب المصري ليس بالغباء ولا السذاجة التي يظنونها، بعد أن خرج من قمقمه في 25 يناير. إن قوى الشر، وعملائها، لا تستطيع أن تظهر العداء واضحا بعد ذلك التاريخ، إلى اليوم على الأقل. بل هم يستخفون به، ويتدسسون بسبله ووسائله. فهم كلهم، أجبن من أن يخرجوا على الناس بما يريدون بهم، استعلاناً به، بل يقننون القوانين ويسنون التشريعات، ثم يلجئون لقضاء فاسد مرتشِ، ويتظاهرون بإتباع القانون وإحترامه. يعاونهم في هذا عصابة الإخوان الليبراليين، القابعة في البرلمان، فيفسحوا الفرصة أمام نوابٍ منهم، يتصارخون بطلب العدل وإيقاف البغي والظلم، ثم تمر "الهوجة"، ويُطَمْئِنُ الكتاتني مشيره إلى أن الأمر قد مرّ بسلام، و"علّي بعده"! مثلما حدث في لجنة صحة مبارك، ولجنة تحقيق بور سعيد، ويأتي بعدها كثير من التواطآت المفزعة المخزية.
الأمر سيعود إلى الشارع المصريّ مرة اخرى، لا محالة. فإنه لو فشلت مؤامرات العسكر وعملاء الإخوان والأدعياء في إسقاط حازم ابو اسماعيل، فسوف يرفض الشعب محاولات السيطرة على صلاحيات الرئاسة، وسوف يرفض محاولات علمنة الدستور، وسوف يقف لشلة المنتفعين، من كتاتني وعريان وبرهاميّ وغيرهم، بالمرصاد، ساعتها، يكون هناك أمر من إثنين:
إما أن يخضع العسكر للشرعية الحقة المدعومة بالشعب، فيعود إلى ثكناته ظاهريا، ويترك الصراع قائماً بين مجلس نوابٍ عميلٍ متواطئ، وبين مؤسسة الرئاسة التي يريد أن يضعفها بشتى الوسائل، بأن يجعل النظام الحاكم برلمانياً، ليصبح الرئيس طرطوراً في يد عملاء الإخوان. ونحن نرى أنّ صفقة جديدة قد دُبرت بليل بين الإخوان والعسكري، تتعلق بتغيير الوزارة، فإن الإخوان أجبن من أن يسحبوا الثقة من الجنزوري إلا بعد موافقة العسكر. وهم أرادوا أن يضربوا عصافير كثيرة بخيانة واحدة، إذ إن ذلك يبين أن العسكري قد نقل السلطة بالفعل، ويرفع أسهمهم الهابطة في الشارع، ويكونوا قد سيطروا على السلطتين التشريعية والتنفيذية ظاهراً، وبهذا لا يتركواالفرصة للرئيس القادم، خاصة إن كان حازماً، أن يشكل الحكومة، ولهذا وافق العسكري على سحب الثقة، فإذا احتدم الصراع بين السلطتين وبين مؤسسة الرئاسة، ولم يفلح الإخوان في هدم قوى حازم، خرج الجيش لإنقاذ البلاد من الفوضى وحلّ البرلمان، ساعتها يخرج الناس إلى الشارع.
وإما أن ينتصر العسكر للشرعية المزيفة، المدعومة بعصابات الإخوان والأدعياء، والذين يرتب لتدريب ميليشياتهم، ليكونوا بديلاً لأمن الدولة في ضرب الشعب وكتم أنفاسه، وخنق آماله لصالح بديعه وكتاتنيه وعريانه وبرهاميه .. وبقية الشلة العميلة، وساعتها، يخرج المسلمون إلى الشارع.
المحصلة إذن، في أي سيناريو متوقع، هو خروج المسلمين إلى الشارع، في الثورة الثانية، ثورة التصحيح المسلمة. ولن يتجاوز هذا الإنتظار مدة الشهرين، بل يتوقع أن يكون في أعقاب إنتخابات الرئاسة، وإعلان نتائجها المزورة مباشرة.
ثورة التصحيح الثانية، هي مسؤلية كلّ مسلم يعيش على أرض مصر، ويدين بدين الإسلام حقاً وصدقاً. فلئن باعت عصابة الإخوان دينها وضميرها وكرامتها لصالج كيان افتعلوه، ما أنزل الله به من سلطان، ولئن باع الأدعياء دينهم بتأويلات باطلة، وعمالة مفضوحة، فإن مصر كلها شبابٌ يفضل الموت على حياة ذليلة خَانعة، تحت مِظلة عصابة الإخوان ومكتب إرشادها بدلا من عصابة مبارك ولجنة سياساته. ولا يكون للشعب إلا استبدال ظُلم واضحٍ مفضوحٍ، بظلم متدسّسٍ مُقنع.
فإذا تناهى الحُب واتفق الفِدى - فالروحُ في باب الضَّحِية أليقُ
على كلّ مدعٍ للإسلام ساعتها أن يحقق ولاءه لله، لا لجماعة أو لشيخٍ، وأن يحفظ عهد لا إله إلا الله التى يردّدها في اليوم مرات، وأن لا يرضى بالإستسلام لهذا الكمّ الهائل من المؤامرات والصفقات والخيانات، التي كلها تدور حول الهيمنة على السلطة، وإقتسام الغنيمة. فإننا لن نترك الثورة تقع فريسة لقوى علمانية عسكرية، تريد أن تفرض عليها حكماً ساقطاً رعديداً كافراً، وأن تلقيها في غيابات الجبّ مرة أخرى، لعقود قادمة.
| |
|