بقلم: د. طارق عبد الحليمالسبت 19 مايو 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لا أدرى إن كان شعب مصر يرى ما أرى، لكن لا أملك إلا أن أتساءل: أليست هذه إعادة ممجوجة لإنتخابات 2010، التي بلغ فيها التزوير قمماً شاهقة دخلت بها مصر موسوعة جينس، في التزوير. أليست هذه نفس التكتيكات، إن لم تكن أشدّ مكراً وأخبث طرقاً من سابقتها؟
لقد استحدث كفارنا اليوم طرقاً جديدة، فاصطنعوا لجنة عليا تشرف على التزوير، وضعوا على رأسها أكابر المزوّرين، لتصبح فوق القانون، وفوق الدستور، وبالطبع فوق القرآن، الذي هو، في مصرنا، كلّ قانون فوقه!
استهتر العسكر بالمصريين، وعرفوا ديّتهم، فقتلوهم، كما فعلوا في العباسية. أرهبوا الناس، وجعلوهم يخشون الرصاص الحيّ، والسحل والقتل، ويؤثرون حياة الذلّ والكفر والخزى. واشترى العسكر ضمائر نواب الشعب المنتخبين، من إخوان وسلفيين وعلمانيين. أليس أحدهم يتقاضى ألافاً من الجنيهات للجلسة الواحدة، وما سيأتى بعد "الإستقرار" أعظم، من اتفاقات عمل ومحسوبياتٍ. وقد عجبت حين رأيت "الأخ" ممدوح اسماعيل" يقف في مناورة الطنطاوى، التي قصد بها إرهاب الشعب، في معسكر العسكر، يشاهد التدريبات ويفخر بالقوة التي يستخدمها الطنطاوى وعنان لقتل المصريين، وتعزيز الوجود اليهودي في المنطقة. هذا ممدوح إسماعيل، فما بالك بغيره؟ ألا والله من رضى بالدخول في وَكر الكفر، لن ينجوا من شِركياته.
التزوير هو طريق أحمد شفيق إلى رئاسة الدولة. وبعدها لن يجرؤ أحدٌ أن ينبس ببنت شفة، إذ يكون هذا وقتها إنقلابٌ على نظام الحكم، لا ثورة. فالثورة انقضت وانقضى عهدها بأحداث العباسية فعلياً، وبإنتخاب المرشح التزويري رسمياً.
ثم، أتصوّر أن لو كان العَسكر أكثر ذكاءً من دود الأرض، لتركوا واحداً من مرشحي "الإسلاميين" ينجح، بل عاونوه على ذلك، فإن في هذا القضاء النهائي على اي إحتمالٍ لثورة إسلامية، أو غير إسلامية. فأحمد شفيق، لا يزال عدو الشعب الرسميّ، وربيب مبارك. أما أبو الفتوح، فهو عند سذاج المعسكر "الإسلامي" إسلاميّ لا يزال، رغم ليبراليته التي تتوازى مع ليبرالية عمرو موسى على أقل تقدير، ومع تزويره لدين الله وثوابته، الذي جعل الأمريكان يقفون في صفه. بل مع علمانيته التي أعلنها واضحة أنه يقبل برأي الشعب وإن أراد أن يلغى المادة الثانية، على عوارَها ونقصَها إبتداءً!
حتى لو سمح العسكر لمرسى بالنجاح، فإنه لا يزال ضمن منظومة العمل الديموقراطي، ولا يزال عَبداً لجماعة الإخوان، الذين رأينا كتاتنيهم كيف يعمل! وسمعنا عريانهم كيف يُتَرجِم الإسلام وينظر إلى الشّريعة. بل سمعنا مرسى نفسه يصرح بكفرياتٍ، دافع عن نفسه بعدها ليدفع صِفة الكفر عن نفسه، ودافع عنه مُروجو جماعته، ليدْرؤا عنه عُوار ما قال، دون حق. ثم أليس مرسى هو من صنّاع كامب سليمان؟ التي خدع بها العسكر الإخوان، كما خَدَع اليهود السادات في كامب ديفيد اللعينة؟
ثم يا أهل العقل والبصيرة، أنسيتم أنّ عبد المنعم أبو الفتوح إخوانٌ إلى النخاع؟ أغاب عنكم أنّ الصراع بين أبو الفتوح والإخوان هو صراعٌ شخصيّ لتجاوزه مكتب الإرشاد، ليس على برنامجٍ أو مفهومٍ أو توحيد. فما الفرق بين ابو الفتوح مرسى إذن؟ وما بالكم تتصارعون على من ترشحون يا مشايخ؟ أفلا تعقلون؟
نحن إذن هنا، أمام معسكرين لا ثالث لهما، والله تعالى أعلم، فلسنا في حاجة إلى كثيرٍ من التزوير، فليس في أمر الإنتخابات فاضلٌ وأفضل، من الناحية الإسلامية السُّنية الصحيحة، التي تتحدث باسم إسلام محمد صلى الله عليه وسلم، لا إسلام الإخوان، ولا إسلام أبو الفتوح، ولا إسلام آن باترسون، ولا إسلام حسين الطاغوطاوى. كلها جِهة واحدة. كلها هيئة واحدة. كلها معسكر واحد، يظهر التناوش والتحرش بعضه ببعض، ليوهم السذج من الناس، والدّعاة والمشايخ.
والمعسكر الآخر هو معسكر الثورة. معسكر من لا يؤمن بما يؤمن به عبد المنعم أبو الفتوح، ولا ما يروج له محمد مرسى، ولا ما يريده الطاغوطاوى. معسكر من يريد لمصر الإستقلال الحق، والعَدل الحق، والحُرية الحقة، والإستقرار الحقّ، والكرامة الحقة.
أصدقكم القول، قراءنا الأعزاء، والله لا أجد في نفسى أي تشوقٍ أو إثارة أو تشوفٍ لمتابعة هذا الحدث المصنوع، الذي أعرف تماما، أنه لن يأتي إلا بخير للعسكر، ومن ثم لن يكون فيه خيرٌ لشعب مصر، فمصالحهما كالخطين المتوازيين، لا يلتقيان.
الأمل إذن، في أن يكون العسكر أكثر غباء من دود الأرض، فيكون إختيارهم مُشعِلاً لثورة جديدة، كما كان إلههم الذي عبدوه من قبل، مبارك، أغبى من أن يقف بتزويره في انتخابات 2010 عن حدٍ لا يزعج به الناس، كلّ الناس