للل
بقلم: د. طارق عبد الحليم
الأحد 25 نوفمبر 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
رغم الخلاف بيننا، المسلمين الملتزمين بالنهج الإسلاميّ السنيّ السلفيّ الصحيح، وبين محمد مرسى، المنتمى للنهج الإخوانيّ الخليط، فإنه من العدل أنّ نقرر صحة ما قرره مرسى في إعلانه الدستوريّ من ناحية خلعه للمجرم العام عبد المجيد محمود، وإنشائه لنيابة ثورةٍ تقوم على شؤون العدل الناجز في حقّ عتاة المجرمين من أعلام النظام السابق، سواءً في الإعلام أو القضاء أو مجرمي الحياة السياسية والإقتصادية.
أما من ناحية تحصينه للجنة الدستورية والشورى، فإن هذا رغم انه ضروريّ من ناحية الحفاظ على الهيكل التشريعيّ دون تلاعب وفوضى يسعى لها العلمانيون والليبراليون والبرادعيون والصبّاحيون وسائر كفار مصر، بلا هوادة، إلا إنه تحصينٌ ضد العلمانيين، وليس تحصيناً من أجل الإسلام. فإن هذا التحصين كان من الضروريّ أنْ يكون ضدّ العلمانية لا العلمانيين. والشريعة لا تزال ليست في محلّها من دستورٍ إسلاميٍ يحكم حياة مسلمين موحّدين بالله، رافضين للتشريك في شرعه.
إن المعركة في مصر اليوم ذات مرحلتين، أولهما معركة الشرفاء جميعا ضد الفساد. معركة الإخوان والسلفيين بكافة طوائفهم، وأهل السنة وكافة من ينتمى للتيار الإسلاميّ، سنياً كان أو بدعياً، مع الفساد الضارب أطنابه في مؤسسات الدولة، وأحزابها الكرتونية، كالقضاء والإعلام، والأحزاب العلمانية التي ليس لها رصيدٌ في الشارع المصريّ، إلا واجهات إعلامية، كحزب الوفد والتجمع وتلك الأحزاب العلمانية التي يقودها علمانيون ليبراليون من أمثال البرادعىّ والصباحيّ وعمرو موسى، وبقية كفارهم. صوت بلا جسد، ونعيقٌ بلا حوافر. وهي معركتنا كلنا، بلا استثناء. فالحرب ضد الفساد هي حرب الإسلام في كل وقت ومكانٍ، خاصة على أرضه. هي حرب إسلامٍ مع كفرٍ، لا إسلامٍ مع بدعة.
والمرحلة الثانية، هي مرحلة الهوية والمرجعية، وهي التي يتمَحَضُ فيها أهل التوحيد الخالص، أهل دولة "لا إله إلا الله"، ويقفون صفاً ضد من يشوّش على التوحيد، ويريدها دولة خليط بين العلمانية والإسلام. دولة تمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، من باب الديموقراطية. ساعتها يكون الإمتحان والبلاء الأكبر لأهل السنة ضد أهل البدعة، سواءً البدعة المغلظة المؤدية إلى الكفر أو غيرها، حسب الحال والمقال. ستكون هذه الحرب ساعتها حرب الإسلام السُنيّ مع الإسلام البدعيّ. ولن تكون أقلّ شراسة من الأولى.
ولو أنّ لمرسى القوة أن يُصدر هذا اللون من الإعلانات الدستورية، فلما لا يُصدر إعلاناً دستورياً يقضى بأن "مصر دولة مسلمة ملتزمة بشرع الله وحده، وهو فوق كلّ دستور أو قانون"؟ ما المانع من هذا الإعلان؟ لماذا يُترك هذا الأمر الفاصل في حياة المسلمين تحت يد الغِريانيّ، ويد حفنة مخلّطة من البشر، بينهم العلمانيّ والقبطيّ والكافر الملحد الصرف؟ ماذا يقول محمد مرسى لربه حين يسأله عن مثل هذا الإعلان، لمَ تركه؟
إنّ مثل هذا التقاعس لا يعكس إلا الفكر الإخوانيّ الديموقراطيّ، الذي يقبل بالشرك إن جاء عن طريق الغالبية، وهي نقطة الفصال بيننا بينه.
إنّ ما جاء به مرسى الآن في هذه المرحلة الأولى، هو مما يجب أن يقف فيه إلى جانبه كلّ شريف. يجب أن يكون كافة المنتمين للتيار الإسلاميّ، بحق أو ببدعة أو بباطل، يداً على الفساد، يداً على البرادعي والصباحيّ والزند والجباليّ والفلول وأموال حسنى مبارك، وكافة أشكال الفساد الكفريّ في مصر.
ثم يكون لكل مقامٍ مقال.