بقلم: د طارق عبد الحليمالأربعاء 12 ديسمبر 2012
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
لاشك أنّ الوضع في مصر أصبح متأزماً للغاية، بعد أن حشدت الفلول قوتها وسرّحت بلطجيتها، وأنفقت أموالها، ثم وضعت يدها في يد العلمانية الليبرالية الملحدة، وتاهت بالباطل عبر إعلام فاجر ملحد أثيم.
لكن الذى جدّ اليوم هو أمرٌ في غاية الخطورة. وأقصد به ذلك التدخل الناعم للجيش، بإعلان حوارٍ "مجتمعيّ" بدعوة من القوات المسلحة والداخلية. وهو أمرٌ له دلالاتٌ لا تنبئ بخير على وجه الإطلاق.
فالعسكر أصلاً لا دخل لهم بما يجرى على الساحة السياسية، أو هكذا يجبُ أن يكون الحال في الدول التي تتبنى الديموقراطية. وطالما أنّ هناك هيئة رئاسية منتخبة، فلا محلّ للجيش من الإعراب في المعادلة السياسية. ولكن الظاهر أنّ الوضع المتردى في البلاد قد دفع بهؤلاء إلى هذه الخطوة التي نراها إنذاراً لمرسى أن "أحكم قبضتك، أو سنتدخل لحكم البلاد مرة أخرى". ليس لهذا الإعلان الذي أصدروه أي معنى آخر محتمل.
نحن إذن في مفترق طرق يؤدى غالبها إلى هلاك محقق، طريق عودة حكم العسكر، وطريق انتصار العلمانية والليبرالية وإعلان كفر الدولة المصرية، أو طريق الإخوان الذي هو أقلها ضرراً في الوقت الحاليّ، حيث البللاد على مفترق هذه الطرق المُردية.
والحقّ أن السبب في هذا الذي وصلنا اليه، أو وصلت اليه الحال في البلاد، هم الإخوان، بتخنثهم وضعفهم وانعدام القوة الإيمانية في عقيدتهم، وعدم العزة بالله، وسياستهم التخاذلية التفاوضية، وتنازلاتهم الذليلة، فهي الأسباب المباشرة في هذه الكارثة التي نصّت برأسها في هذا الإعلان العسكريّ.
ولا ننسى هنا حين نلحى باللوم عل الإخوان، أن نشرك معهم اتباع السلفية المنزلية، الذين يمثلهم ذلك الغليّم نادر بكّار، إذ ساروا على آثار الإخوان حذو القذة بالقذة، حتى حين دخلوا جحر الديموقراطية الخبيثة، دخلوه وراءهم! خذلهم الله أنّى توجّهوا. ودع عنك الجماعة الإسلامية المخذولة، التي صرح اليوم أحد قادتها، وأظنه عاصم عبد الغنى، أنهم مستعدون للقتال في سبيل شرعية مرسى، وأنهم قد تنازلوا بالفعل عن الكثير من ثوابتهم لأجل التوافق إلا أن العلمانيين يأبوا إلا أن يتنازلوا لهم عن كل شئ (عن الوفد بتصرف). وكأن هذا كان مفاجأة أو أمراً عجباً! لا والله بل جهلكم بالشرع وبالواقع معا، هو سبب هذا التردى.
إذن، ماذا يكون الحل اليوم؟ الجيش والداخلية يتآمران بالفعل على نظام حكم ضعيف، لا يقدر أن يستقر على قرار واحد دون تراجعٍ أو تنازلٍ. فمن الذي يمكن أن يقف في وجه الجيش والداخلية، يدعمهم جماعة الفلول والعلمانية الكافرة، بعد أن أعلن أحد فجّارها، محمد أبو الغار، أنّ حكم العسكر أفضل من حكم الإخوان؟
الجواب هو ثورة عارمة إسلامية. ثورة يخرج فيها كل من في قلبه ذرة من خردلٍ من حب لله رسوله ولدينه. ثورة يترك فيها شباب الإخوان قياداتهم التي ساقت البلاد لهذا الفساد. ويترك فيها شباب السلفيين، ممن لا يزال فيه ذرة من عقل، شيوخهم الذين خانوا القضية وباعوها. ويتألق فيها شباب التوحيد والسنة. ثورة نطلب فيها الشهادة أولاً أو النصر إن لم تكتب الشهادة.
لا أرى، وأنا والله ناصح أمين، إلا هذا الحلّ مخرجاّ لما نحن فيه، ولا منقذاً لما مصر فيه. لم يعد يجدى الكلام والحديث. لم تعد تغنى الكلمة عن الفعل. لقد قلنا وحذرنا ونقدنا وشَنّعنا وقسونا على من غابت عنه سنن الله سبحانه، وارتضى طريق الديموقراطية، طريق الندامة والخسارة. قلنا لن يترككم الكفر تحكمون ولو بثمالة من دين الإسلام. ولن يترككم الفساد المتمكن من مفاصل الدولة كأنه سرطان منتشر. هذه سننٌ لا فصال فيها "ولن تجد لسنة الله تبديلا".
لكن الإرجاء، والخيبة وقصر النظر، والقول بالتشهى والعجب بالرأي والجهل بالشريعة، وضعف الثقة بالله ومنهجه، أوردنا هذا المورد المهلك، عل أيدى إخوان مصر وسلفييها.
علينا إذن أن نستعد لما هو آتٍ. جيشٌ يصدق عليه قول الشاعر أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامةٌ". شرطة ستضرب بيدٍ من حديد لتأخذ بثأرها من خزي 25 يناير. هذه ستكون أدوات الباطل القادم، فأعدوا العدة، واجمعوا أمركم، ولا يكونن عليكم غمة. فالامر ليس أمر مرسى، بل أمر بقاء دين الله أهله في البلاد