بقلم: د. طارق عبد الحليمالجمعة 25 يناير 2013
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
في ظل الإسلام، الشرع هو القانون. شرع الإسلام، الذي يضمن الحق والعدل والمساواة، ويحقق الإستقرار والإنضباط، وينصر المظلوم ويقتص من الظالم، الذي تتلاقى فيه نفحات الرحمة والسماحة مع مطارق القوة والشدة. هذا هو ما يؤمن به أبناء الإسلام، لا ما يراه العلمانيون من كفار مصر وغيرها، الذين يرون القانون فوق الشرع، والكفر قبل الإيمان، ويسعون في الأرض فساداً وتمزيقاً واضطراباً ليتحقق لهم ما يريدون.
الأزمة في مصر اليوم هي أزمة نظامٍ. نظامٌ لم نشهد من قبل أضعف منه قبضة على زمام الأمور في البلاد.
حرائق، وشغبٌ وحوادث مدبرة، واضطرابات في الشارع وفي الإقتصاد، وعصابات باتت تتحرك في الشوارع بحرية تامة وتتخذ لها أسماء تتعارف عليه الصحف وتنشر أخبارها، كتلك العصابة التي يسمونها "بلاك بلوك"، تماما كأننا نعيش في شيكاجو إبان الثلاثينيات! أفلامٌ حقيرة مجرمة، ممولة من الداخل المصريّ الفاسد، والخارج العربيّ العميل الكافر. وإن تكونت جماعاتٌ مسلمة تتحرك لصدّ هذه الإعتداءات من قوى العلمانية السافرة المُلحدة، ضربتها قوة الداخلية بمباركة الإخوان، وأطلقت عليها صفة الإرهاب. خراب عقليّ ونفسيّ وواقعيّ يدير به هؤلاء الإخوان أمور الدولة.
لقد قامت ثورة 25 يناير لتتخلص البلاد من الفساد. فكان أن أدت خيانة الإخوان، وحرصهم على الجلوس في سدة الحكم، مع ما هم عليه من خلل عَقديّ فاحش سمح لهم بمحاولة التوفيق بين الإسلام والكفر، أدى إلى نظام غاية في الضعف سواءً من الناحية الإسلامية أو الكفرية العلمانية.
لم يرض الإسلاميون من أهل السنة عن النظام، لأنه خلط الشرك بالإيمان. ولم ترض العلمانية الملحدة عن النظام لأنه ترك مادة أو مادتين توحيان بإسلام.
أنّ النظام والإستقرار لا يأتي مع الضعف والتخاذل واللامبالاة، وهي كلها سمات حكم الإخوان. يحكم هؤلاء بمبدأ تجاهل المشكلة، وتجاهل مصدرها، وكأنها ستذهب إن أغمضوا أعينهم عنها وتجاهلوها، تماما كالأطفال.
إن تحوّل مصر إلى ساحة حربٍ بين قوات الداخلية التي لا تزال ولاءاتها تتلعثم بين النظام السابق والحاليّ، وبين قواتٍ بلطجية فردية وجريمة منظمة، مدعومة بإعلام الكفر، وممولة من أعلام الكفر، هو نتيجة ما زرعت ايدى الإخوان الخائنة، التي خانت أول ما خانت منهج الله ورسوله، وأول ما خانت في منهج الله ورسوله هو التعامل مع قوى الكفر والإجرام، فرضت بالديموقراطية المزعومة التي ستودى بها كما ستودى بالدولة كلها.
إنْ المنطق يقرر أنه "لا لدولة القانون في غياب الإسلام". طالما أنّ الإسلام لم يستقر، وطالما أنّ قوانن الشرك الديموقراطيّ قابعة في ثنايا تشريعاتنا، فإنه لا فائدة من استقرار ولا نهضة ولا إصلاح ولا حقٍ ولا عدل.
الإسلام، والمنطق العقليّ السديد، وأحداث التاريخ، يقرر إنه يجب أن يضرب النظام على يد المخربين بيد من حديد. يجب أصدار تشريعات استثنائية تمهل تلك العصابات، وقادتها، ومموليها من أمثال البرادعي والصباحي والبدوي، مهلة أسبوع لا يزيد، لتفكيك هذه التجمعات، وإلا فتكون حملة اعتقالات لا تبقى ولا تذر. هذا هو حق الشعب على هذا النظام الذي جاء به ليحميه، لا ليتخنّث في تناول مشكلاته.
لكنّ هذا الذي نَصِفُ هنا لا يقوم به إلا رجالٌ. رجالٌ لديهم الشجاعة والثقة والكرامة والحرص على الموت، والهرب من الحياة وتقديم الصالح العام على صالح جماعة مهترأة، والخوف من الله لا من أمريكا. وأين هؤلاء من تخنّث الإخوان وجبنهم وتراجعهم وتخاذلهم. شتان بين الثرى الثريا.
يقول المدافعون عن هذا الأداء المخنّث، لكن الغرب سيقول إننا غير ديموقراطيين، وأننا لا نعرف الحرية، وسيتباكى على مبادئ حقوق الإنسان! سبحان الله، الغرب يهاجمنا مهما قلنا أو فعلنا. وكلاب العرب في الخليج يهاجموننا ويرفضون مساعدتنا، بينما يساعدون فرنسا العاهرة ضد المسلمين، مهما فعلنا. أفلا نعتبر من موقف إيران الصفوية الرافضية أو موقف كوريا الشمالية من الغرب. ألم نعرف بما حفظنا من القرآن أنّ العزة لله جميعا، أم هي مجرد كلمات يرددها أدعياء الإسلام في خطب وتصريحات؟
والله لا أرى إلا أن يكون للمسلمين تجمعات مماثلة، تخرج دفاعاً عن الشعب، ومطالبة بمبادئها، كما يفعل ما يسمى بالألتراس، أو ما يسمى بالبلاك بلوك، أو كلّ تلك الحركات الإجرامية المنظمة. وأن تكون هذه التجمعات علنية لا سرية فيها، وأن تتجنب حمل السلاح، بل تعتمد على العدد، كما نوهنا من قبل مراراً. تخرج لتقف في وجه هؤلاء المجرمين، لا دفاعاً عن مرسى أو نظام الإخوان الساقط، بل دفاعاً عن بقاء الإسلام، وإعلاء كلمته أمام هجمة الشرك العلاني المجاهر.
إنّ الكلمات يجب أن تتحول إلى أفعال. وإن نصرة الإسلام لن تكون بمجرد إنشاء موقع على النت، وإلقاء خطبة على منبر. بل يجب أن تتحول إلى قوة دفعٍ هائلة تعتمد على رصيد الإسلام في قلوب عامة الشعب، إلا قليلاً منهم. قوة تجعل هؤلاء الملاحدة يحسبون لخروجهم وخريبهم ألف حساب قبل أن يخرجوا ويخربوا.
لا لدولة القانون .. قبل إعلاء كلمة الإسلام