د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: الشعبُ المصريّ في مُواجهة عَدوّه .. مرّة أخرى!...العدو هو مجلس التسعة عشر، المعروف بالمجلس العسكريّ. الأربعاء سبتمبر 14, 2011 1:31 pm | |
| الشعبُ المصريّ في مُواجهة عَدوّه .. مرّة أخرى! د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
البيان الذي أذاعه أسامة هيكل، مُتحدث النظام ورأس الحَيّة الإعلامية الرَسمية في مصر، يؤكد، بشكلٍ لا يحتمل شَكاً، أن الوضع في مصر قد صار إلى ما توقعناه من قبل، إفشالٌ تامٌ لحركة 25 يناير، وإبقاءٌ على رموز الفساد، متمثلة في هيئة التسعة عشر من ناحية، وفي مجلس الوزراء العميل من جهة أخرى. وقد تجَلى هذا في ممارسات المجلس تجاه الصهاينة من جانب، واستمرار بل تضييق الخناق على غزة من ناحية أخرى، وفي تفعيل حالة الطوارئ، وفي ترك البَلطجة، وبل وتشجيعها عن طريق تركِ أسبابها فاعلة في الشَارع المصري، وبالأخص العادليّ وفلول الوطني، وبقايا الداخلية التي عاث فيها منصور العيسوى فساداً، وتكميم الأفواه وتكبيل الصَحافة بشكل يتعدى ما كان أيام مُبارك.
الحزب الوطنيّ لا يزال حاكماً، بكل قواه وممثليه. وهو ما يَدعمه مَجلس التسعة عشر، لضمان استمرار استيلائهم على السلطة، واستمرار الأحكام العرفية، واستمرار بعث رسائل التطمين للعدوّ الصَهيونيّ والصليبيّ. التسَيّب الذي تعيشه البلاد هو من صُنع النظام المُباركيّ العسكريّ الحاليّ، لضَمَان إعادة بناء جدارِ الخَوف في نفوس الشّعب، ومن ثمّ، إعادته إلى حالة العُبودية والظُلم الذي ساد وسَوّد حياته في الستين عاماً الماضية.
الشعبُ المصريّ الآن عاد إلى ما كان عليه قبل 25 يناير، الشعبُ في مواجهة النظام الفَاسِد، أيّا كان من يُمثل هذا الفساد.
الثورة الآن تَطرُق الأبواب. ومَجلسُ التسعة عشر "ودن من طين وودن من عجين"! لمْ يعتبر بما حدث لرأسِ النظام، وإغتراراً بالقوة العسكرية التي يظن أنها ستحميه، إن حان حينُ المُواجهة، القوّة العَسكرية التي ينحصرُ دورها في حماية حدود الدولة، فإذا بها، تحت قيادة مجلس التسعة عشر، تترُك الصَهاينة يقتلون أبناء مصر، وتتوَجّه إلى هدم الأنفاق التي تمد أحبابنا في غزة بالطعام والدواء، وتشْرع بها قوانين الطوارئ سيفاً على رقاب الشعب.
الوهم الذي يسرى في عقول عددٍ من مُنتسبى العَمل السّياسي أو من أبناء الحَركات الإسلامية، أن إنهيار مَجلس التسعة عشر هو إنهيارٌ للدولة، أو أنّ الإستقرار يعنى ترك الأمور تسير على هوى صَانعى القرار من صَنائِع مُبارك، في إتجاهٍ ظاهرٍ لكل ذي عينين، يقصد إلى هدم مكتسبات حركة 25 يناير وإعادة سيطرة الجيش على الحكم، ولو تحت عباءة مدنية كرتونية، هذا الوهمٌ يصل إلى خيانة الله والشعب، سواءاً كان عن غفلةٍ أو قصدٍ.
إن أبناء الجيش هم الذين أجبروا مجلس التسعة عشر على عدم إطلاق النار. لقد علم هؤلاء أنّ الجيش لن يذبح أبناؤه، فلعبوا على هذا الوتر. وهم من ثم، يقامرون على غفلة أولئك الذين يرتعبون من قضية التصادم بين الجيش والشعب وإراقة الدماء وما هم من هذا القبيل. لكن ما لا تدركه البصيرة القاصِرة أنّ مجلس التسعة عشر يُقامر على هذا الخوف، وهم، وحدهم، مجرد التسعة عشر، مع بعض الرتب من المنتفعين من ورائهم، الذين يقفون في مواجهة الشعب، لا الجيش، ولا أبنائه.
يا ذوى العقول، ويا أرباب الألباب، مجلس التسعة عشر لن يتنازل برضاه عن الحكم، خاصة للمسلمين، بل هو يسعى، بما صَرّح به علنا، لتكون سُلطته خارجة عن المُساءلة، وليكون الدستور ضامناً لهذه السلطة من ناحية، ومؤسساً للعلمانية الكفرية من ناحية أخرى.
والله إن وقف قادة الإسلاميين من إخوان أو سلفيين، ودع عنك الجماعة الإسلامية، في صَفّ مجلس التسعة عشر، ليكونون ممن خان الله ورسوله، وممن يجب محاربتهم والتشهير بهم، إذ هم إذن يؤيدون الحكم بغير ما أنزل الله، ويقفون والعلمانيون صفاً واحداً، ضد شرع الله ورسوله، وضد شعب مصر.
هل هناك من ذوى العقول، وأرباب الألباب، من قيادات الإسلاميين من يرى غير ذلك؟ إلا أن يكون الأمر هو أمرُ خوفٍ ورهبةٍ، ومن ثمّ، مُداهَنةٍ وتزَلّف؟ مصلحة الإسلام، ومصلحة الإسلاميين، ومصلحة الشعب، ليست في الرضوخ لهوى مجلس التسعة عشرن بل في مواجهته، وصَدّ محاولاته المَكشوفة لإستمرار إستعباد هذا الشعب، وتخضيعه لمصلحة هذا المجلس وللقوى الصهيونية والصليبية الأمريكية.
إستمرار العمل تحت وقع هذا الوهم، يجعل هذه الحركات الإسلامية تلبس عباءة الحزب الوطنيّ، ويتعامل مع النظام الحاليّ كما كان منافقوا العهد البائد يتعاملون مع سادة النظام وسدنته.
ليس أمام الشعب إلا أن يتبين طريقه، وأن يعرف عدوه. عدوه ليس الصهاينة في هذا الوقت تحديداً، بل هم من ينتصرون للعدو الصهيونيّ في سدة الحكم. عدوه ليس حسنى مبارك الذي يرقد كالمرأة النفاس، وراء قضبان، يبحث عن طريقٍ للخروج من أزمته، بل هم من ينتهجون نهجَه ويسيرون سيرته، ويحتفظون بأوليائه في كلّ مؤسّسات الدولة إلى يومنا هذا. العدو ليس العلمانيين والليبراليين، الذين هم من الضعف بمكانٍ لا يجعلهم يمثلون تهديداً حقيقياً، بل العدو هو من يستخدم هذه الفئة ليمرر دستوراً علمانياً دكتاتورياً، يعيد مصر تحت حكم العسكر، وفي يد التطبيق الحكوميّ العلمانيّ، لعقود أو قرونٍ قادمة.
العدو هو مجلس التسعة عشر، المعروف بالمجلس العسكريّ.
* 12 سبتمبر 2011
| |
|