د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: الغائبون عن الميدان .. المُغيّبون عن الواقع! السبت نوفمبر 26, 2011 8:56 am | |
| الغائبون عن الميدان .. المُغيّبون عن الواقع! د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحسب أن القائلين بضرورة التمسّك بالإنتخابات في موعدها وبضرورة قبول كمال الجنزورى كرئيس للوزراء كالإخوان وعدد من السلفيين والجماعة الإسلامية، يصدرون عن تصورٍ واحد لا يريدون أن يحيدوا عنه، وهو أنّ كلّ الأحداث التي تقع في الساحة المصرية متوجهة إلى غرض تأجيل الإنتخابات، لإفسادها عليهم، وأنها مفتعلة من قبل التجمعات العلمانية التي تخشى سيطرة الإسلاميين على الساحة.
وهو، وإن كان الشق الأول منه، المتعلق برفض العسكر لنجاح الإسلاميين، صحيح بلا جدال، إلا أن ذلك لا يبرّر كلّ تفصيلة في واقع الحال بعد ذلك. فكما أرى، ويرى الكثيرون غيرى، أن هذا التصور، الذي يعدونه مبرراً لكل الأحداث، ومن ثم يبنون عليه كافة مواقفهم، ليس صحيحاً على الإطلاق، بل ويخالف الوقائع التي نراها على الساحة بالشواهد والفعل، لا بمجرد التحليل والتصور. ولننظر فيما يقال ويحدث، نظرة أقرب وأعمق.
1.العسكري مصمم أشد ما يكون التصميم على إجراء الإنتخابات في موعدها، وهو لا يعنى، في هذا التصور، إلا أن العسكريّ يقف في جانب الإسلاميين، ويريد لهم النصر في الإنتخابات، ويريد للعلمانيين الخسارة فيها! ولو كان غير ذلك، لبَادر العسكريّ بتأجيل الإنتخابات، وكان له كافة المبررات في فعل ذلك تحت الظروف التي تمر بها مصر. وسأترك للقارئ أن يحكم على هذه النتيجة، قبولاً أو رفضاً.
2.العسكريّ مصمم على الإحتفاظ بصلاحيات رئيس الجمهورية، بتعيين من يرى صلاحيته لتولى رئاسة الوزراء، ومن جراء ذلك، فقد احتفظ الجنزوري بكافة الوزراء السابقين، في وقت الإنتخابات الأحرج، في حكومته لحين إشعارٍ آخر.
3.العسكريّ هو من عَيّن الجمل من قبل ولم يقبل استقالته، وعَيّن السلمي من قبل ودفعه إلى إخراج وثيقة العار، وعَيّن العيسوى ليحتفظ للداخلية بشراستها ومجرميها، وترك النائب العام ليُخَرِب قضايا الفساد، وفعل ما فعل لترك الفلول تتدخل في الحياة السياسية بحرية وطلاقة، فماذا جدّ على ضمير العسكريّ ونزاهته اليوم، إلا أن تكون بركات العيد "حلّت عليه"! لماذا الثقة فيه وفي تصريحاته ووعوده الآن، ويعرِف القاصى والدّاني أنهم لا يرضون بحكمٍ حرٍ، خاصة لو كان إسلامياً، مهما كانت التكاليف؟
4.كان العسكريّ، ولا يزال، عميلاً للصهاينة والصليبيين، يحرص تمام الحرص على حفظ المنظومة الدفاعية المصرية كما هي أمام القوة الإسرائيلية، حسب معاهدة العار المعروفة بكامب ديفيد، وذلك لتجنب أية مواجهة حالية أو مستقبلية مع العدو الصهيونيّ.
5.العسكريّ هو من له المصلحة في الإحتفاظ بوضع خاصٍ في الدولة، يُمكّنه من إستمرار ميّزاته المالية التي يسيطر بها على 40% من مصادر مصر، باسم الدفاع!!
في مقابل كلِّ هذه الحقائق الثابتة الأكيدة، لا نرى ولا نسمع مبرراً لموقف هؤلاء الغائبين عن الميدان، إلا أنهم يريدون أن تتم الإنتخابات في موعدها، ليتم نقل السلطة!
والسؤال: ألم يكفِكُم تلاعب عشرة أشهر، وتبديل وزارتين، شفيق وشرف، وتعيين عدوين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، الجمل والسلميّ، لتعرفوا أن العسكر غير جادٍ فيما يقول، بأي درجة على الإطلاق؟ وانه طالما العسكر على رأس السلطة، فستظل مصر على ما هي عليه؟
زَعم مبارك من قبل: لو ترك الحكم لكانت الفوضى، ويقول العسكر اليوم: لو نقلت السلطة لكانت الفوضى، ويوافقه على هذا الزعم اليوم هؤلاء الغائبين عن الميدان. نقول أن المَجلس العَسكريّ هو الفوضى بعينها. إنما هي سِياسة التخويف من المجهول، لدعم الرضى بالواقع المشهود.
ألا يَصح بعد هذا النظر أن نقرّر، بثقةٍ واطمئنانٍ ، أن الغائبين عن الميدان، هم المغيبون عن الواقع؟
* 25 نوفمبر 2011 | |
|