د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: دعم الإخوان .. بين الضرورة العملية والمصلحة الدعوية الثلاثاء ديسمبر 06, 2011 6:17 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
خلُصنا في المَقال السابق إلى أن ليس كل ما يتوقع المسلمون من حكم الإسلاميين حقٌ متحقق، بل يجب أن يتفهم المسلمون حقيقة ما يجرى على أرض الواقع، لا في أحلام اليقظة. فللإخوان منهجهم الذي لا يحيدون عنه، كما أسلفا. والسلفيون، خاصة مدرسة الإسكندرية، ذات التأثير الأكبر على الإتجاه السلفي عامة، لا يتورعون عن التعاون الواضح الفاضح مع السلطة ضد الإسلاميين ممن يخالفونهم، وهو ما يجعلهم علامة استفهام كبيرة في البرلمان. بل إنهم اليوم خطوا خطوة واسعة في طريق الإخوان، حيث أعلن متحدثهم أنه لا مانع لديهم من التعاون مع ساويرس وحزبه! من ثم، فإنه يجب خفض سقف التوقعات إلى القاع، فيما يمكن أن يحدث في الفترة القادمة، خاصة والعسكر يتربص بالدستور، وبصلاحيات البرلمان والرئيس المنتخب.
الإتجاه الوحيد الذي يمكن أن يُحدث تغيراً نوعياً في مستقبل الأيام، هو الإتجاه الذي نناصره عقدياً وفكرياً، وهو إتجاه أهل السنة والجماعة، بكافة ممثليه، وعلى رأسهم الشيخ عبد المجيد الشاذليّ، من الناحية الأكاديمية العلمية، وحركة الشيخ حازم أبو اسماعيل من الناحية العملية التنفيذية. ففي هذين الجناحين، يكمن أمل الإسلاميين، لا في الإخوان ولا في السلفيين.
إلا إننى يجب أن أسجل هنا قلقيّ مما يَسود أبناء إتجاه أهل السنة والجماعة لإحياء الأمة من مناصرة شديدة للإخوان في هذه الأيام، وهي المناصرة التي برّرها الشيخ عبد المجيد الشاذليّ، بأنها تكتيك لا استراتيجية. ولكن الأمر أن العامة لا تعرف تكتيكا ولا استراتيجية، بل إن حسنت أحدا في أمرٍ، فقد حَسنته في جميع أمره، وإن جرّحته في أمر، فقد جرّحته في جميع أمره. هذا هو ديدن العوام.
وهذا القلق وهذا الحذر، نتيجة لعاملين، أولهما، الإعتبارات العقدية التي تمنع من الدعم التام غير المَشروط أو المُقيّد لهذه الطائفة الوطنية شبه الإسلامية، منها بدعية عقائدهم الصوفية/الإرجائية، وتقاربهم مع الرافضة والليبراليين، واستحلالهم الشّراكة في الحكم بالشرائع المختلفة كصنعة الأبستاق، بل وحرصهم عليها، دفعاً للضّرر بزعمهم. وما نعرف هذا، كمسلمين من أهل السنة، إلا إنه تفريط في الثوابت العقدية، وخروج على مبادئ التوحيد، وتوكلاً على الأسباب دون مسببها سبحانه. والعجيب أن معظم هؤلاء من الأشاعرة الصوفية، الذين لا يومنون بقضية التسلسل السببيّ أصلاً، إنما هو الهوى لا اكثر ولا أقل.
وثانياً، أن النتائج العَملية المُترتبة على الوقوف في صَفّ هؤلاء، دون التنبيه لخَرابهم، لن يكون في صالح الإسلام عامة، إذ سيكرسون في عقول العوام أن هذه هي طريقة الإسلام، وهذا هو منهجه "الوسطي"، ألم ينتخبهم الناس، كلّ الناس؟ خلاف ما سيكون من صورة علمانية للدولة، واستمرار المعاصى والكفريات كما هي.
والأحرى، أن يبيّن للعامة والخاصة، أن دعم مرشحي الإخوان، أو السلفيين، هو من باب دّفع أعلى المفسدتين، وتحمل أقل الضررين، مع بيان خراب عقيدتهم الإخوانية، أو طريقتهم العملية السلفية.
أما أن نعلن دعمنا للإخوان، دون بيانٍ واضحٍ، نعلم كلنا، ممن ينتمى إلى دعوة أهل السنة، أنه الحق، فهو مما لا يجب أن يتبعه أبناؤنا في هذه المرحلة التي، وإن تميزت بطابع السياسة الماكر، إلا أنه لا يصح أن نسلك هذا المسلك، لعدم جدواه، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فالقول بدعم هؤلاء في الإنتخابات، دفعاً لبلاء العلمانيين، صحيحً لا شك، بشرطين، أولهما أن لا يُبطّأ الحركة في الميدان، ولا يصرف الهمة عنه، فيظن من ظَنّ أننا قد وصلنا إلى الحكم الإسلاميّ! والثاني، أن يَصحَب ذلك بياناً واضحاً، يفضح المشاكل العقدية والحركية لهذه الجماعة، بما يترك لأهل السنة باباّ مفتوحاً ينفذون منه إلى الدعوة الصحيحة من ناحية، ويعذرهم أمام الله سبحانهن بقولة الحق، دون تلجلجٍ أو مداراة. | |
|