د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: محمد عمارة .. وحملة دعم القبطية على المسلمين الأغلبية الأحد يناير 01, 2012 10:54 pm | |
| د. طارق عبد الحليم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
كتب محمد عمارة، "المفكر الإسلاميّ"، ذو التوجه الإعتزاليّ (الذي يسمونه العقلانيّ!)، في سياق الحملة السائدة لدعم سيطرة القبط على الأغلبية المسلمة، مستشهدا بما دوّن أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه "(هذا ما أعطى عبدُ الله عُمر أمير المؤمنين أهل (إيليا) (القدس) – من الأمان: أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تُهدم ولا ينتقص منها ولا من حيّزها، ولا من صليبهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يُضار أحد منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمانهم، ومن أقامَ منهم فهو آمن، ومن أحبّ من أهل (إيليا) (القدس) أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وتُعلى صُلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن شاء صار مع الروم ومن شاء رجع إلى أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شىء حتى يُحصد حصادهم). هكذا أعلن الإسلام – الدين والدولة – قبل أكثر من أربعة عشر قرناً ـ مواثيق التعايش والحقوق والتعددية، عندما بنى الدولة على التعددية الدينية فى الأمة وجعل لغير المسلمين كلّ ما للمسلمين، وتعهد دينيا بحماية الآخرين بما يحمى به المسلمين ودين الإسلام، وبعبارة رسول الإسلام: وأن أحرس دينهم بما أحرس به نفسي وخاصتي وأهل الإسلام من ملتى فهل يعرف ذلك الذين يفترون على الإسلام ورسول الإسلام." اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية - الوفد - التعايش الإسلامي مع الآخر
ما أتعجب له، هو أين يعيش هؤلاء الكتاب الألمعيون؟ أفي مصر، أم في غيرها؟ أفي القرن هذا أم في قرنٍ غيره؟ أيقرؤن ما نقرأ في الصحف، أم لهم صحفهم ومصادرهم السرية؟
يا أخ عمارة، المسلمون اليوم هم من يجب حمايتهم من تغوّل الكنيسة القبطية، التي تستقوي بالغرب الصليبي، سراً وعلناً، وبخونة بعض قبط المهجر الذين يريدون شراً بالإسلام والمسلمين.
حين تقول " أعلن الإسلام – الدين والدولة" فإنك تدين نفسك بنفسك. فاليوم، الإسلام في مصر ليس ديناً ودولة، بل لا يكاد يكون ديناً فحسب! هذا هو صراعنا، لو كنت لا تدرى، أن يكون الإسلام دين ودولة. لو أنّ الإسلام دين ودولة، ولو أنّ أمثالك دخلوا حلبة الصراع الحقيقيّ ليكون الإسلام دين ودولة، لانطبق هذا التوجيه النبويّ والمتابعة العمريّة، على الواقع. لكننا نتحدث في واقعٍ يغيب فيه حكم الإسلام، وتتحكم فيه العلمانية بأي اشكالها، إما العسكرية عن طريق مجلس الخونة، أو الغربية عن طريق أمثال البرادعيّ وصحبه ومن هم دونه. فكيف يُطبّقَ فرع صغير مثل هذا الفرع، في السياسة الشرعية، وينافح عنه، ويُترك الأصل، وهو طاعة الله ورسوله بإعلان دولة لا إله إلا الله، التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد عمر رضى الله عنه، يوم أن قالا بما قلت؟ أهذا منطق يا رجل الفكر والعقل؟
ثم، إن القبط، الذين تحدث عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاهم عمر رضى الله عنه الأمان، هم ممّن دخلوا في العهد، ولم يخونوا ولم يغدروا، ولم يطلبوا الإنفصال، ولم يحوزوا الأسلحة، ولم يعتد كاهنٌ منهم على حرمة القرآن، ولم يهتف هاتفيهم في ماسبيرو سباً في الإسلام ورسوله، ولم يحملوا الصلبان يدورون بها في الشوارع تحدّياً للمسلمين، ولم يختطفوا مسلماتٍ عائداتٍ إلى الله ويحبسوهن أو يقتلوهن ليعودوا في ملة الكفر القبطيّ، ولم يطالبوا بأن تكون هوية الدولة قسمة بيننا وبينهم!
ألم يذكر عمر رضى الله عنه أنهم "لا يؤخذ منهم شىء حتى يُحصد حَصادهم"؟ ألا يعنى هذا أنهم كانوا خاضعين للجزية، غير رافضين لها؟ ألا يدل هذا، حتى لو سلمنا بإجتهاداتكم العقلية السقيمة في إلغاء الجزية، أنهم كانوا راضين بحكم الشرع، وبسيطرة الإسلام؟ أذكر أي منهم يومها أن الإسلامَ كالمسيحية، كما يروّج منافقى اليوم، مُدعيا أن هذا هو ما يعنيه عمر في المساواة بين المسلمين والمسيحيين؟، وأن الشريعة لا تنطبق إلا على المسلمين، مما يعنى رفضهم لأمان رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولعهد عمر رضى الله عنه، لو كنت تعقل ما تكتب.
إن هذه المساواة التي تتشَدّق بها، أنت ومن معك، مَشروطة بشروطِ الإسلام، أن يوفوا بالعهد، وأن يقبلوا الإسلام حاكماً على الأرض التي يعيشون فيها، "ذمّيون معاهدون من أهل الكتاب". تلك هي الصفة التي أعطاهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وخلفاءه من بعده، لا ما نحن عليه الآن من نكوث عن العهد، وتمرّد على الشرعية، ورفض للهوية.
ثم، والله لا يصحُ أن نتعجّب من فعل هؤلاءالقبط، فإنّ ممن يحمل اسماً مسلما، بل من ينتسب للفكر الإسلاميّ، من يردد مثل دعاواهم، ويقويها ويبرر لها، بدلاً من أن يبين حقيقة شروطها، وكأن هؤلاءالقبط يقتّلون في الشوارع ليلاً ونهاراً! مثلك يا عمارة، ومثل سليم العوا، الثعبان الأرقط. أين أنتم من سَحْل وتعريةِ مسلمة في الشوارع؟ من يدعو لحمايتها، كمن تدعو لحماية القبط الغادرين بالعهد؟
إتق الله يا رجل، وكن دِرءا لإسلامك الذي تدعيه، فوالله، لئن لم تنته، ليَحشرَنّك الله، أنت ومن يدعى هذا الهُراء، ويؤول كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه على هواه، مع من تناصرون يوم يقوم الحساب.
| |
|