د. طارق عبد الحليم
عدد المساهمات : 197 تاريخ التسجيل : 31/08/2011
| موضوع: غَزل غزلان .. وصَكُ الغفران الأحد يناير 08, 2012 6:48 am | |
| د. طارق عبد الحليم الجمعة 06 يناير 2012
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
خرج علينا متحدث الإخوان، السيد غزلان، بأمر ذلك الصكّ الغفراني الذي تقترحه جماعته، ليكون حصناً لأعضاء المجلس العسكريّ، يَسْهُل عليهم بعده تسليم السلطة للبرلمان المنتخب، دون قلاقل. وذلك في برنامج مع العلماني وائل الإبراشيّ، ومداخلة أحمد دراج من الوطنية للتغيير.
وبغض النظر عن التجاوزات العجيبة، والخطيرة أحياناً، التي تصدر عن هذا المتحدث، فإنه في هذا قد خالف منهج الإخوان الذي يتجاهل الدليل الشرعي، فأتي غزلانٌ بدليلٍ، من باب المصالح والمفاسد، بناءً على أنّ إصدار صك الغفران هذا للمجلس المجرم، قد يكون فيه درء لمفسدة أكبر قد تحدث إن تمسّك المُجرمون من أعضاء المجلس بالحكم خوفاً على حياتهم!
وهنا نحب أن نقف وقفة مع غزلان، في غَزَله هذا لمُجرمي المَجلس العَسكريّ.
أولاً، فإننا لا نفهم معنى لقوله أنّ تعبير "الخروج الآمن"، الذي استخدمته بعض المجموعات السياسية فيه إهانة لهذا المَجلس العميل. إيّ إهانة يعنى لمجلسٍ قتل الناس وسحلت قواته أبناءهم وبناتهم، وأعتقلت أجهزتهم آلاف من شبابهم؟ إن هؤلاء هم الإهانة مجسدة في جلد بشر. هذا من صنوف التذلل والتزَلّف التي لا يحسنها إلا الإخوان.
ثم، كيف يعفو قادة الإخوان، الذي لم نسمع عن ابن لأحدهم استُشهد أو اعتقل، عن دمٍ لا يحل أن يعفو عنه إلا وَليّه؟ أهذا دين جَديد يخرج به علينا غزلان؟ ألم يقرأ قول الله تعالى "فقد جَعلنا لوَليه سُلطانا فلا يُسرف في القتل إنه كان مَنصوراً"؟ البقرة. أليس أحرى أن يعرف ما قول أولياء الدم فيما يعرض على الخونة العسكر، قبل أن يتَحمّل دمهم على رأسه ورأس جماعته؟
ثم، من قال أن استخدام ضوابط المصلحة والمفسدة يكون بهذا الشكل البِدائي الذي قد نُجيزه لطالب أولى معهد أزهري، لا لمتحدثٍ باسم أكبر جماعة "إسلامية" في مصر. فإن من أول ضوابطها أن لا تعارض نصّاً شَرعياً، وهذه تعارضُ نص الولاية لولي الدم، لا لجماعة الإخوان. ومن ضوابطها أن تكون مصلحة متيقنة لا متوهمة، وهذا الذي يقوله غزلان، في غاية التوهم والعبث. وأحيله إلى أيّ مرجع في أصول الفقه، أو إن شاء فليرجع لكتابنا "مفتاح الدخول إلى علم الأصول" ص105 وبعدها. فهذا الإستعمال العفوى الطفولي لكلمة المصلحة والمفسدة، دون أي إعتبار لضوابطها، هو في حدّ ذاته مفسدة عامة، وبلوى طامة من أدعياء العلم، أو أنصاف المتعلمين.
ثم، من أخبر غزلان، ومن وراءه الإخوان، أن مجلس الخيانة يخشى من المحاكمة؟ هذا والله من أبطل الباطل، بل هو من أسخَف السَخف وأبرَد الهَزل. كيف يخشى المساءلة وهو يحمى المخلوع اليوم، ويضع هذه المسرحية السخيفة التي لا يستغفل بها أحداً، إلا من أراد الغفلة راضياً كالإخوان. أيحمى العسكر المخلوع، ولا يعرف كيف يحمى نفسه؟
العسكر لا يريدون ترك السلطة، لا أكثر ولا أقل. ليس خَوفاً ولا رَهبة، ولكن إرهاباً واستكباراً. يريدون أن يستمر سلطان الجيش على شعبنا إلى أمدٍ غير منظور، ليتم لهم ما يخططون، قاتلهم الله أنى يؤفكون. وحديث مثل هذا عن منحهم صك الغفران، لا يهمهم من قيربٍ ولا بعيد، بل هو يفضح ضعف معارضتهم، وهوانها على نفسها، ويبيّن لهم أنهم ظاهرون على على هؤلاء الإخوان المتخاذلون، وأنهم بالغى أربهم في الحفاظ على السلطة، وطرد الإخوان وحلّ المجلس كله لو أدى الأمر.
هذا الغزل مع العسكر، يا غزلان، لا يجدى نفعاً. حتى إبراهام عيسى، شر العلمانيين، وعار الصحفيين، كتب يقول "الدرس الرئيسى الذى تؤكده لنا كتب التاريخ أن أى تحالف أو مراهنة أو صفقة بين الإخوان والسلطة الحاكمة فى مصر انتهت بقمع الإخوان وضربهم، منذ الصعود الكبير للإخوان بعد عشر سنوات التكوين الأولى، وهى تراهن على حكومة أو ملك، فتتلقى ضربة موجعة وفضًّا للصفقة بشراسة، وهو ما جرى مع صفقة محدودة مع «الوفد» بزعامة النحاس باشا".
والله إنه لمن العار على المسلمين أن يُعَلِم إبراهام عيسى جماعة الإخوان، الجماعة الأم، الجماعة الكبرى، الجماعة الأساس، متخصصى السياسة و"فهلويّيها"، تاريخهم، ويبيّن لهم أنّ ثقتهم في العَسكر خِدعة كبرى، وكأنهم يُحبون أن يقعوا فيها كل عقدٍ أو عقدين من الزمان، وكأنهم يفتقدونها.
المصبية أن العسكر، لم يخفضوا رأساً للإخوان، ولا لغيرهم. لم ينحنوا إلا أمام ربهم، ساكن البيت الأسود، وحلفائه، أما غيره فليس لهم إلا الإهانة والتهديد والزجر.
أفق يا غزلان، وتب إلى ربك، واحترم تلك الشعيرات التي تتناثر على وجهك، فإنها مسؤلية أمام الله، إن لم تكن تقدر على حملها، وأنت غير قادر، فاتركها لغيرك، ولا تجعل من نفسك مضغة للناقدين، وحسرة أمام رب العالمين.
www.youtube.com/watch?v=N0sRvVPDh9U&feature=related | |
|