بسم الله الرحمن الرحيم
بيان رقم م1103627
بخصوص الاضراب العام والعصيان المدني في 11 فبراير 2012
قام ابناء الثورة والشعب في يوم 11 فبراير 2012 بخطوة سديدة وواعدة في صراعهم مع عدو الله والشعب, مجلس النظام العسكري وجيشه واجهزته الامنية, تمثلت في الخروج بمظاهرات هادفة الى اضراب عام وعصيان مدني. وقبل ان نخوض في تفاصيل هذه الخطوة العظيمة, لا بد لنا ان نذكر مقدار هلع النظام وتخوفه منها ومن الدعوة اليها, رغم اتخاذه لجميع التدابير الاستباقية الامنية والعسكرية والاقتصادية ضدها! وحشده لجميع قواه وحلفائه من رجال دين واعلام واخوان وسلفين وكنيسة ورجال اعمال.
وتكمن اهمية هذه الخطوة وعظمتها في كسر حال الجمود واستعادة زمام المبادرة من يد اعداء الله والشعب الذين التحقوا بالثورة واختطفوها وتضحياتها, وتاجروا بها لصالحهم ومصلحة ابقاء النظام من اخوان وسلفين وكنيسة صليبية. كما تكمن في صوابية تحديد الثوار للاسلوب الامثل في مواجهة النظام واسقاطه, عن طريق الاضراب العام والعصيان المدني.
بناءا على ما تقدم, هل كانت دعوة إلى الإضراب في 11 فبراير والعصيان مدني مطلبا للشعب والثورة؟ وما هي اسباب اخفاقه؟
مما لا شك فيه أن اعتماد أسلوب الإضراب والعصيان المدني هو الأنجع والأنجز في شل حركة النظام وتجريد قوته العسكرية والأمنية والبلطجية من فعاليتها.
وما لا شك فيه أيضا أن الاضراب العام والعصيان المدني هو أكثر ما يطلبه الشعب ويحتاجه ليتحصن به من فتك النظام والة قتله العسكرية والأمنية المجرمة.
فالعصيان المدني هو مطلب جميع المصرين رجال ونساء, كبار وصغار, في جميع المدن والارياف والمحافظات, بعد أن استهلكت وسائل الثورة الاخرى في مقارعة النظام وإسقاطه, بسبب الإختراقات التي أحدثها النظام بين صفوف الشعب والثورة عبر أدواته وأعوانه ممثلين في جماعة الإخوان المسلمين وسفهاء السلفيين, وشيخ الأزهر ومفتيها, وخطباء الجوامع المأجورين, والجماعة الإسلامية. هذا إضافة إلى شنودة وكنيسته وأتباعها وبقية النتوؤات ممن نسبوا انفسهم للثورة زورا للمتاجرة بها ووئدها !
وبالقدر الذي يعي فيه الشعب ضرورة تنفيذ اسلوب الإضراب العام والعصيان المدني, والحاجة الملحة إليه بوصفه الأداة الأنجع والوحيدة من بعد الله القادرة على إسقاط هذا النظام الخائن المجرم, وتحقيق أهداف الثور, وإيقاف مسلسل جرائم النظام والإستنزاف الدموي الذي يقترفه بحق الشعب على مدى الساعة, بيد الته العسكرية والأمنية والبلطجية, وإضطهاد المواطنين في لقمة عيشهم. فإن نظام حسني طنطاوي يعي تماما هذه الحقيقة التي تؤرقه وتقض مضاجعه, لذا فقد استنفر لها كل قواه وطاقاته المادية والعسكرية والأمنية والإقتصادية والإعلامية والإستخباراتية, واستخدم في سبيل منع تنفيذها كافة اساليب الترهيب والترغيب والبلطجة والتجويع والخداع, كما سخر لها حلفائه في الطابور الخامس من اخوان وسفهاء السلفين والكنيسة, وجعل مهمة عرقلتها ومنع تنفيذها أول شروط الإتفاق الذي أبرمه معهم مقابل إدخالهم إلى قبة البرلمان وتحقيق مصالحهم على حساب مصر والشعب والثورة.
ورغم ذلك فإنا شهدنا بأن أكثر الناس الذين لبوا نداء الإضراب العام والعصيان المدني كانوا من طلبة الجامعات وأهالي الشهداء والجرحى وأسرى الثورة, في حين لم تلتزم قوى الشعب العاملة والموظفون والفلاحون وبقية شرائح الشعب والمجتمع بالإضراب ولم تلبي دعوته. وهذه لم تكن مفارقة ولا صدفة, ولم تغير من حقيقة كون الإضراب العام مطلبا شعبيا وثوريا ملحا لجميع أبناء الشعب المصري, ما عدا شلة المجرمين والصوص في المجلس العسكري وحلفائه المذكورين تحت قبة البرلمان وأجهزته الأمنية والبلطجية والكنيسة واتباعها وشريحة المختلسين والمهربين المسمين برجال أعمال النظام, المقرونين بجرائم التهريب والرشوة والاختلاس, واللذين هم موضع مسائله ومحاسبة قضائية وجنائية.
ولكن أسباب عدم تلبية دعوة الإضراب والعصيان المدني تكمن في ناحيتين, الأولى سياسية, والثانية وظيفية.
فمن الناحية السياسية, افتقرت الثورة ولا تزال إلى تشكيل قيادة لها تمثلها تتحدث باسم الشعب, لا تضم بين ظهرانيها أيا من الأحزاب أو منتسبيهم, تضع استراتيجية للثورة وخطة للعمل, وتحدد الخطوات , وتوضح الرؤى, وتتصدى وتفضح خطط وبرامج النظام وحلفائه, وتمنع الإخوان وسفهاء السلفيين والوفد وغيرهم من سرقة الثورة أو التحدث باسمها, وتجردهم من القدرة على تضليل الشعب وشق الصفوف وبعثرة الجهود وتغير الوجهة واضاعة الهدف واجهاض العمل.
وبهذا الصدد, كنا قد اقترحنا مع بداية ثورة 25 يناير 2011, اعتماد اسلوب القيادة الافقية لتشكيل قيادة للثورة تمثل الشعب , تشتمل على جميع قوى ومجموعات وتكتلات وائتلافات وحركات واحزاب الثورة وشخصياتها الغير متحزبة والغير منضوية تحت اطار عمل تنظيمي او مجموعاتي, ما يتناسب مع خصوصية ثورة 25 يناير وديمغرافيتها وتعددية مكوناتها, قناعة منا بانه الاسلوب الانجع والفعال في هذه الحالة, والقادر حقيقة على تجاوز الخلافات والاشكاليات الادارية والفكرية والتنظيمية في تشكيل قيادة للثورة بالاسلوب التقليدي الهرمي المعروف, وما يرافقه من اشكالية المنافسة, والاختلاف, والتعصب, واالتعددية في قوى الثورة ومكوناتها وتنوعاتها الفكري واختلاف ارائها, ناهيك عن الجهد المستنفذ والوقت المبدد والامني المكشوف في اعتماد اسلوب تحديد قيادة للثورة بشكل هرمي نمطي.
الخلاصة ان الثورة تحتاج الى برنامج عمل واضح للشعب مبني على استراتيجية, تحدد فيه الخطوات بناءا عليه وعلى متطلبات الوضع, تشرف على اعداده وتنفيذه قيادة للثورة صاحبة رؤى سياسية واضحة وقدرة على ادارة العمل الثوري ميدانيا, ولا يكفي ان نقوم بعمل او خطوة مهما كانت صحتها وحاجة الثورة اليها لبشكل عفوي او بناءا على توقعاتنا او امانينا لوحدها.
أما من الناحية الوظيفية, فبناء على القصور في تحقيق النقطة السابقة, فإن الشعب وقوى ثورته لم يعدوا لتنفيذ دعوى الإضراب العام والعصيان المدني عدته بالشكل المطلوب والكافي, من ناحية التنسيق لهذا الامر مع نقابات العمال والفلاحين والمهندسين والأطباء والصيادلة والموظفين ومع الجمعيات وقوى الشعب العاملة, ورموز المجتمع ومفاصل حركته وقواه الاجتماعية, لذا فإننا شهدنا حضورا بارزا للطلاب والمثقفين من أبناء الشعب المصري, المتواصلين مع الفكر والواقع بوعي لمتطلبات الموقف والياته, في حين وجدنا قصورا من قوى وطاقات وشرائح الشعب الاخرى, التي بقيت اسيرة قيود النظام, عاكفة عن الإشتراك في الإضراب والعصيان المدني بشكل فردي غير مضمون العواقب, غير مستندة إلى اشتراك جمعي بغطاء مهني ونقاباتي وحقوقي وشعبي, خاصة وأنها رات بان تضحياتها ومشاركتها في الثورة وما بعدها على مدى 12 شهرا قد تم سرقتها وجيرت لصالح تثبيت النظام, على يد الإخوان والسلفيين والمؤسسة الدينية الإسلامية والنصرانية حلفاء النظام وأعوانه.
الخلاصة نحن نخوض حرب مع النظام الخائن المجرم, يستخدم عدونا فيها كل قدراته وطاقاته واجهزته العسكرية والامنية والدينية والاعلامية بشكل منظم وممنهج وباليات وادوات مترابطة. بناءا على ذالك فلا يكفي ان نخوض صراعنا مع عدو مجرم محترف باستعدادنا للتضحية بارواحنا وباستعدادنا للمواجهة والصبر والثبات, وبالاعتماد على ايمانا بالله وبحقنا فقط, ولكن علينا ان نأخذ بالاسباب, وان نعد العدة, وان نطور اسلوب عملنا ونضع له اليات وادوات عمل رصينهة وفعالة لتنفيذه, تجسد فيها طاقة الشعب وقواه, وتثمر فيها تضحياته وتنتج فيها جهوده, قادرة على تحطيم عدونا وادواته, وتحقيق اهداف شعبنا.
بناء على ما تقدم..فإننا ندعو أبناء الشعب والثورة أن تكون مهمتنا الأولى والأساسية في هذه المرحلة هي في إعداد القوى والاليات والادوات اللازمة لانجاح الاضراب العام والعصيان المدني.. االمهمة القادمة لثورتنا, وتنسيق العمل مع جميع قوى ونقابات وهيئات ومراكز العمال والفلاحين والمهندسين والأطباء وبقية قطاعات العمل في المدن والارياف والمحافظات, والإتفاق معها على موعد لا نخلفه ولا تخلفه في إعلان الإضراب العام والعصيان المدني. وهذا سيتطلب منا كما ذكرنا, أن نسارع في ترتيب صفوفنا وتجاوز خلافاتنا والتسامي فوقها, وتشكيل قيادة للشعب والثورة تتحدث بإسمها, وتحدد للشعب من هم أعداءه, وما هي خططهم وبرامجهم وطريفة التصدي لهم, وتضع للشعب برنامج عمل ثورته, وتحدد له خطواتها, وتوفر جميع متطلبات نجاحها, وتشرف على تنفيذها, ومن ثم الدعوة واعلان عن اضرابا عاما وعصيانا مدني نقضي به على الانظام وحلفائه بالضربة القاضية ان شاء الله.
قال تعالى "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"
ثورة 25 يناير القيادة الشعبية الميدانية للثورة
13 فبراير 2012