رؤوف غزى
عدد المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 08/01/2012
| موضوع: المؤامرة الثانية الأحد أبريل 01, 2012 5:37 am | |
|
المؤامرة الثانية بقلم رؤوف غزي
الحمد لله على نعمة الإسلام وبعد، لقد أشرت في مقال سابق تحت عنوان "مصداقية على المحك" أن جماعة الأخوان قد فُضِحت مؤامرتهم الأولى مع العسكر وعمر سليمان التي مكنتهم من العفو وإلغاء الحظر عليهم والوصول للأغلبية في مجلس الشعب في مقابل تحصين المجلس العسكري وآخرين من فلول مبارك وحاشيته من أية مساءلات قانونية من خلال وعود فارغة وكاذبة، أي بيعهم للماضي والحاضر آنذاك مقابل وصولهم للبرلمان. ثم طرحت سؤالاً عن إمكانية وفائهم بعهدهم في رعاية مصالح الشعب وتحقيق مطالبه، وكيفية تأدية هذه الأمانة: "إذنْ تبقّى لنا سؤال واحد لأعضاء المجلس: كيف إذن لمجلس الشعب الجديد تطهير النيابة والقضاء والسلطة التنفيذية والفساد الإداري دون أجهزة تمكنه من التطهير وبدون أن يتآمر مع العسكري على الشعب والثورة؟ حيث أن العسكري - وحلفاءَه - هم من يتحكمون بمقاليد الحكم والقضاء والسلطات التنفيذية والحكومة المليئة "بالطراطير".
أما الآن فنحن بصدد المؤامرة الثانية وهي بيع مستقبل مصر أيضاً للعسكري وحلفائه وذلك من خلال التغاضي عن جرائم القتل والسحل وإنتهاك الأعراض ونهب البلاد وظلم العباد و التآمر مع الأمريكان والصهاينة لتهريب الجواسيس وإضاعة الملفات القضائية والسكوت على الفضائح القضائية وتبرأة القتلة والتسامح مع "المخلوع" وعصابته مقابل إسترداد "بعض الجنيهات" وعدم ملاحقة أموال البلد المهربة للخارج بالعملة الصعبة والتوافق على قروض بفوائد كبيرة تخضع مصر وشعبها للذل والفقر لمئات السنين والتوافق على رئيس "ليس له مرجعية إسلامية".
والسبيل لتيسير هذه المؤامرة يظهر كلما تم فضح الحكومة والحاكم العسكري والقضاء في قضايا شائكة ومصيرية تبين تخلفهم السياسي وتشبثهم بمواقفهم المدمرة يقوم مجلس الشعب بتكوين لجان بزعم البحث عن الحقائق وتحري الدقة، ثم يجتمع ويندد ويرفع ضغط دم الأعضاء وباقي أفراد الشعب، ثم يطالب الحكومة بالحضور للمساءلة فلا تلبي الدعوة ولا تحضر إستخفافاً بالمجلس، ثم يطالب بسحب الثقة من الحكومة فيرد رئيس الوزراء ببجاحة شديدة قائلاً: "أنتم لم تعطونا الثقة كي يمكنكم سحبها مننا"، ثم يصرح بأنه لا يريد التصادم مع العسكري الذي يملك القرار، ثم يرجع إلى لغة "النواح والندب والبكاء واللطم على الخدود" التي لا تفيد ولاتنفع، بل و الأدهى والأمر هو أن يدفع الشعب نفقات هذه المسرحية الكئيبة التي يمثلها مجالس الشعب والشورى من قوته ومرتبات المتآمرين بمبالغ تصل إلى 750 ألف جنيه شهرياً لأحدهم.
وقد أصدر حزب الحرية والعدالة وفي إحدى بياناته الأخيرة: " إنتقاد الأداء الحكومي والوضع السياسي والاقتصادى وكأنه ليس فى السلطة" كما وطالب بضرورة أن تقوم الأغلبية الممثلة فى مجلسى الشعب والشورى بتشكيل حكومة إئتلافية.. وكأنه فى المعارضه بالرغم من كونه حزب الأغلبية البرلمانية ويستطيع أن يسن ويشرع القوانين التى تتيح له سحب الثقه ومسائلة الحكومة وإقالتها وتغييرها فلماذا ينتقد إذن؟
ولا يبقى للعموم الشعب إلا المشاهدة السلبية لهذه المسرحية الهزلية - التي تأتي كل يوم بفضيحة جديدة تكشف تورط الحاكم العسكري والحكومة والسلطات التنفيذية في الفساد السياسي والإداري والمالي والأمني - ثم تعاد باقي فقرات المسرحية بين المجالس المتآمرة بما لا يسمح لأيٍ من فئات الشعب الساخطة بالتعدي على سلطات العسكري أو الحكومة من خلال تظاهرات، كما ولا يمكن التعدي على مجلس الشعب المنتخب، وكأنما يتم تخدير الشعب بمُسَكِنات لمنعه من التظاهر مرة ثانية. فيشهد الشعب يومياً بحواسه السمعية والبصرية على تخريب حاضر مصر ومستقبلها في حسرة وغضب وتشوق لردود فعل إيجابية من جانب مجلس الشعب المنتخب لوقف النزيف ولكن للأسف يخيب هذا البرلمان المزيف آمال الشعب وأحلامه.
فكلما تحدثت مع أحد المصريين تسمع شكواهم من الوضع السياسي والمالي والقضائي المتردي، وكثرة الأمراض، وتلوث الماء والجو، وندرة الوقود وأنابيب الغاز، وتفحش القمامة، والإنفلات الأمني، وإرتفاع الأسعار، وغير ذلك مما يدمع الأعين ويحير العقول، ثم تسمع من بعض أهالي الشهداء والمصابين شكاوى من نوع آخر تقطع الأكباد وتقهر القلوب، والمعامل المشترك بينهم جميعاً الآن أصبح أن الجميع لديهم إحباط تام وتشاؤم مبرر.
ولا أعتقد أن هناك مصلحة قد يجنيها غالبية أعضاء مجالس الشعب والشورى من جماعة الأخوان والسلفيين جراء تخريب مصر، بل هم سيفشلون ويخسرون مثلهم مثل باقي أفراد الشعب ولكنهم عليهم عبء أعظم وهو حق إهدار أمانة الوطن وقِصر النظر.
ولو صدق مجلس الشعب في تمثيل الشعب المصري وأداء مهمته بأمانة لدعى عموم الشعب بالخروج والتظاهر لإسقاط الحكومة وإستبدالها دون النظر لردود فعل الحاكم العسكري، وهذا ما أراده الشعب بالفعل من ثورته في 25 يناير 2011، الشعب أراد إنتزاع حريته وكرامته وباقي حقوقه لأنه كان يعلم أن هذه المطالب تُنزع ولا تعطى. وأعتقد أنه لو تبين للحاكم العسكري أن مجلس الشعب المنتخب لديه النية الفعلية والقدرة على أداء المهمة لتركه يؤديها ولما كان هناك تصادم ولا تناحر إبتداءاً لأن العسكري يعلم الآن يقيناً أنه فشل تماماً و بإمتياز في الحكم والسياسة.
ومن المؤكد أنَ هذا التآمر على تخريب مصر و"توريث رمادها" للجماعة السلبية لن يأتي بثمار لأحد من ممثلي هذه المسرحية ولا مشاهديها، لأن في هذا التآمر إتلاف كبير لمقومات الحرية والنهضة والعدالة في مصر، وإضعاف للبلد – شعباً وجيشاً – وتهميش مصر إقليمياً ودولياً، وتعطيل القانون وتزوير الإنتخابات الرئاسية وضياع الأموال المنهوبة والمهربة، وإفلاس البلاد وتركيعها للدائنين الأجانب، بل وفتح الباب على مصرعيه لأعداء مصر الذين يحيطونها من كل جانب.
ولذا فمن واجبنا دعوة كل مصري وطني شريف أن يدفع بما لديه من قوة إلى إصلاح هذا الخراب قبل أن يفيض علينا جميعاً ثم نغرق في ظلمات الفقر والأمراض والحروب الأهلية والطائفية والتفتيت والتعطيش والتي قد تأتي على الأخضر واليابس. وأخيراً ندعو الله تعالى أن يُنقِذ مصر وشعبها من هذه المؤامرات والمشاحنات وأن يُخرجها بأمان من هذا التطاحن وأن يهدي شعبها لسبل الخير وحسن الخلق في معاملة الغير، فكلنا نعاني وكلنا ضحايا.
* 22 مارس 2012... | |
|